2024-12-21
 تعلن القيادة العامة تكليف السيد أسعد حسن الشيباني بحقيبة وزارة الخارجية في الحكومة السورية الجديدة   |    بيان للأخوة السوريين صادر عن وزارة الخارجية والمغتربين   |    

الرئيس الأسد في مقابلة مع صحيفة فرانكفورتر الغيماينه تسايتونغ الألمانية: التطرف التحدي الأهم والأكبر الذي يواجه المنطقة والعامل الخارجي كان سببا في إطالة أمد الأزمة

18 حزيران , 2013


دمشق

اعتبر السيد الرئيس بشار الأسد أن التحدي الأهم والأكبر الذي تواجهه المنطقة يتمثل بالتطرف الذي يحدث انزياحا في مجتمعاتنا ويبعدها عن الاعتدال مؤكدا أن ما من شك أن سورية ستقضي على الإرهابيين على أرضها.

وحذر الرئيس الأسد في مقابلة مع صحيفة فرانكفورتر الغيماينه تسايتونغ الألمانية من أن أي لعب بالحدود في هذه المنطقة يعني إعادة رسم خارطة لمناطق بعيدة جدا موضحا أن السبب الرئيسي في إطالة آمد الأزمة في سورية يعود إلى العامل الخارجي الذي يسعى سياسيا وعسكريا لذلك.

وأكد الرئيس الأسد أن سورية مدت يدها منذ اليوم الأول لكل من يرغب بالحوار وأنها منفتحة على أي معارضة لا تحمل سلاحا ولا تدعم الإرهاب ولديها برنامج سياسي معبرا عن أمله بان يكون مؤتمر جنيف محطة مهمة لدفع الحوار وأن ينجح هذا المؤتمر بمنع تهريب السلاح والإرهابيين إلى سورية.

وفيما يلي النص الكامل للمقابلة:

السؤال الأول: سيادة الرئيس.. كيف ترون الحالة في بلدكم... لقد فقد الجيش السوري أجزاء واسعة من سورية.. أي أن هذه المناطق تبقى بعيدة عن السلطة المركزية.. كيف ترون الوضع؟

السيد الرئيس: سؤالك بحاجة لوضع الأمور في موضعها الصحيح.. نحن لسنا في حرب نظامية حتى نفقد السيطرة عن أجزاء ونسيطر على أخرى.. لسنا جيشا مقابل جيش.. وبالتالي أرض محتلة نخرج العدو منها.. إنما نحن جيش مقابل عصابات.. صحيح أن الجيش لم يرد الدخول إلى مكان إلا وتمكن من الدخول إليه وبالتالي نحن نستطيع أن نسيطر على أي مكان ندخل إليه.. لكن في نفس الوقت الجيش لا يتواجد .. وليست مهمته أن يتواجد .. في كل نقطة في سورية.

الأهم من السيطرة وعدمها أن مطاردة الإرهابيين لها ثمن كبير.

المشكلة ليست أن تكون في مكان ما أو لا تكون ولا شك لدينا بأننا سنقضي على الإرهابيين تماما على أرضنا لكن المشكلة هي بالتخريب الذي يلحقه الإرهابيون بالبلاد.. ما هو الثمن... بكل الأحوال نحن دفعنا ثمنا كبيرا.. صحيح أن الوضع ليس مثاليا في كثير من الجوانب لكن التحدي الأكبر الذي يواجهنا سيكون فعليا بعد انتهاء الأزمة.

العامل الخارجي يسعى سياسيا وعسكريا لإطالة أمد الأزمة

السؤال الثاني: في مقابلتكم الأخيرة مع قناة المنار استشفينا أنكم تحضرون الشعب لمعركة طويلة.. هل تعتقدون ذلك؟

السيد الرئيس: لا.. ليس مع قناة المنار.

منذ الأيام الأولى كنت أسأل دائما متى ستنتهي الأزمة.. وكان جوابي انها قد تستمر لفترة طويلة.. ذلك لأن العامل الخارجي كان واضحا فيها.

فأي أزمة داخلية فقط ستنحو بأحد اتجاهين.. إما أن تحل نهائيا وتنتهي وإما تتطور لحرب أهلية.. لم يحصل لا هذا ولا ذاك.. والسبب يعود للعامل الخارجي الذي يسعى سياسيا وعسكريا لإطالة أمد الأزمة.. وأستطيع القول انني كنت محقا في هذا التوقع.

الإعمار الحقيقي هو إعادة إعمار العقل والايديولوجيات والمفاهيم

السؤال الثالث: سيادة الرئيس.. إن الدمار الذي حصل في سورية كبير.. كيف تتوقعون أن تتجاوزوا هذا الدمار الكبير؟

السيد الرئيس: كما تجاوزتموه أنتم في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية.. وكما تجاوزته كثير من الشعوب بعدما مر بها من حروب طالما أن هناك شعبا حيا فهو من سيبني الأرض ويقوم بالعمران.

كما أعدنا إعمار أنفسنا وبلادنا في السابق.. سنعيد إعمارها مرة أخرى مستفيدين من كل ما سبق.

سؤالك ربما يكون حول التمويل.. نحن شعب.. ومنذ زمن بعيد منتج لما يحتاج.. الأكيد أنه علينا أن نكون أكثر إنتاجا مما كنا عليه بسبب ما نمر به.. وقد يستغرق الأمر وقتا.. لكن هذا ما سنقوم به بإرادتنا وقوتنا وتعاضدنا.

لا شك أيضا أن الدول الصديقة مدت وتمد لنا يد المساعدة.. ربما تصل حتى للقروض.. لكن في النهاية سنعيد إعمار بلادنا.. الأصعب هو إعادة إعمار نفوس من تضرروا.. فكيف لك أن تمحو الآثار الاجتماعية للأزمة وعلى رأسها التطرف... أعتقد أن الإعمار الحقيقي هو إعادة إعمار العقل والايديولوجيات والمفاهيم.. فالحجر غال لكن البشر أغلى.. والتحدي هو أن نعيد بناء البشر والحجر.

أي إعادة رسم للخريطة في المنطقة ستكون عبارة عن خريطة لحروب كثيرة في الشرق الأوسط لن يكون أحد قادرا على إيقافها 

السؤال الرابع: سيادة الرئيس.. في إطار الأزمة أصبحت بعض المناطق تعتمد أكثر وأكثر إما على ذاتها أو على الخارج.. هل تعتقدون أنه سيكون هناك انزياح بشكل ما في الحدود القائمة؟

سيادة الرئيس: هل تقصد داخل سورية أم في المنطقة بشكل عام...

الصحفي: المنطقة بشكل عام .. بعد مئة سنة على اتفاقية سايكس بيكو.

السيد الرئيس.. بعد مئة عام على سايكس بيكو.. أنت تتحدث الآن عن إعادة رسم الخريطة في المنطقة بشكل عام ومن ضمنها سورية.. دعني أشبه لك سورية بقوس معماري قديم.. فالحجر في قمة القوس هو ما يستند عليه القوس كاملا.. عندما تسحب هذا الحجر ينهار ذلك القوس.

لنسقط ذلك على المنطقة.. بل وعلى العالم.. أي لعب بالحدود في هذه المنطقة يعني إعادة رسم خارطة لمناطق بعيدة جدا.. فهذا له تأثير الدومينو الذي لا يستطيع أحد التحكم به.

قد تستطيع إحدى الدول الكبرى أن تبدأ بهذه العملية.. لكن أحدا بما فيها هذه الدولة كائنة من كانت لن تستطيع أن توقفها في مكان ما وخاصة أن هناك اليوم حدودا اجتماعية جديدة في الشرق الأوسط لم تكن موجودة خلال سايكس بيكو.. حدود طائفية.. عرقية.. إضافة للسياسية ما يجعل الوضع أكثر تعقيدا بكثير.

إن أي إعادة رسم للخريطة في المنطقة.. لا يستطيع أحد أن يعرف بعدها كيف سنكون.. لكن الأغلب أنها ستكون عبارة عن خريطة لحروب كثيرة في الشرق الأوسط لن يكون أحد قادرا على إيقافها.. من الأطلسي إلى الهادي.

التحدي الأول وهو الأولى هو إعادة الأمن والاستقرار.. أما التحدي الثاني فهو إعادة الإعمار.. لكن التحدي الأهم والأكبر هو الوقوف في وجه التطرف

السؤال الخامس: سيادة الرئيس.. كيف ستبدو المنطقة خلال السنوات القادمة.. كيف سيكون شكلها؟

السيد الرئيس: إذا استبعدنا سيناريو التقسيم المدمر الذي كنت تسأل عنه في سؤالك السابق.. فأنا أعتقد أنه سيكون هناك سيناريو معاكس تماما وإيجابي بالمطلق.. وهو يعتمد على كيفية تصرفنا كدول وكمجتمعات.

هذا السيناريو يعتمد على تحديات.. التحدي الأول وهو الأولى هو إعادة الأمن والاستقرار.. أما التحدي الثاني فهو إعادة الإعمار.. لكن التحدي الأهم والأكبر هو الوقوف في وجه التطرف.. لأنه بات واضحا أن هناك انزياحا في مجتمعات المنطقة وابتعادا عن الاعتدال وخاصة في الجانب الديني.. السؤال هنا.. هل نستطيع أن نعيد هذه المجتمعات إلى مكانها الطبيعي كما كانت عبر التاريخ... هل يستطيع كل هذا التنوع الغني أن يعيش مع بعضه البعض بشكل طبيعي... ودعني في هذا السياق أوضح بعض المصطلحات.. فهناك من يقول تسامح وهناك من يقول تعايش.. أما ما كنا فيه هنا وما يجب علينا أن نعيده كما كان فهو التجانس.. إن الأمر لا يتعلق بالتسامح فإذا كنت متسامحا فسيأتي يوم وتتوقف عن التسامح مع الطرف الآخر.. ولا يتعلق بالتعايش لأنك تتعايش مع من يخالفك تماما.. أما التجانس فهو تماما ما كان يميزنا في هذه المنطقة.. لا يمكن لك أن تقول أن يدك تتعايش أو تتسامح مع قدمك.. فيدك تتجانس مع يدك الأخرى وتكمل الواحدة دور الأخرى إنه العيش المشترك.

التحدي الأخير هو الإصلاح الذي نريده.. والسؤال دائما ما هو أفضل نظام سياسي يبقي مجتمعنا متماسكا.. النظام الرئاسي.. نصف الرئاسي.. برلماني.. ما هو قانون الأحزاب المناسب... أنتم في ألمانيا لديكم الحزب الديمقراطي المسيحي.. لا يمكن أن يكون لدينا أحزاب دينية.. لا مسيحية ولا إسلامية لأن الدين لدينا هو دعوة للدين وليس لممارسة السياسة.. وكثير جدا من التفاصيل.. لكن الجوهر هو قبول الآخر.. فإذا لم أقبل الآخر لا يمكن أن يكون هناك ديمقراطية حتى ولو كنا نملك أفضل دستور وأفضل قوانين.

نحن دولة علمانية بمفهومنا المؤدي إلى السماح للجميع بحرية ممارسة الأديان وعدم التعامل مع أي شخص على أساس ديني أو طائفي أو عرقي

السؤال السادس: سيادة الرئيس.. كيف تنظرون برؤيتكم الخاصة إلى مفهوم ما يسمى العلمانية ضمن إطار هذا التوجه الإسلامي الموجود في المنطقة؟

السيد الرئيس: هذا سؤال مهم جدا.. كثيرون في المنطقة لا يفهمون هذه العلاقة.. الشرق الأوسط منطقة ايديولوجية.. والمجتمع العربي بشكل عام يعتمد على قاعدتين.. العروبة والإسلام.. أي شيء آخر هو أشياء صغيرة.. لدينا شيوعية.. ليبرالية.. أي شيء آخر.. لدينا قومية سورية أصغر من القومية العربية ولكن كل هذه ليست قاعدة كبيرة.

كثير من الأشخاص يفهمون العلمانية كما كانت الشيوعية في السابق بأنها ضد الدين لكن الحقيقة هي ليست كذلك.. بالنسبة لنا في سورية العلمانية هي حرية الأديان.. وهذا النوع من العلمانية هو الذي يجعل هذا التنوع جميلا.. مسيحيون ومسلمون ويهود.. وبكل طوائفهم الكثيرة.. العلمانية هي ضرورية لوحدة المجتمع ولشعور المواطنة الحقيقية.. فإذا لا يوجد خيار لنا إلا أن نعزز العلمانية.. لأنه وبنفس الوقت الأديان قوية أساسا في منطقتنا.. وأؤكد أن هذا شيء جميل وليس شيئا سيئا.. السيىء هو التطرف لأنه يؤدي إلى الإرهاب.

ليس كل متطرف إرهابيا ولكن كل إرهابي متطرف.

لذلك وجوابا على سؤالك نحن دولة علمانية بمفهومنا المؤدي إلى السماح للجميع بحرية ممارسة الأديان وعدم التعامل مع أي شخص على أساس ديني أو طائفي أو عرقي.

الجميع متساوون بالفرص دون النظر إلى دينهم.

السؤال السابع: سيدي الرئيس كيف ترون السنتين والنصف اللتين مرتا على ما يدعى الربيع العربي؟

السيد الرئيس: المفهوم خاطئ.. لأن الربيع ليس فيه نزف دماء.. ولا قتل.. ولا تطرف.. ولا تدمير مدارس ولا منع للأطفال من الذهاب الى مدارسهم ولا منع المرأة من أن ترتدي ما تريد وما يناسب.. الربيع هو أجمل الفصول وما نمر به اليوم هو أحلك الظروف.. فهو بكل تأكيد ليس ربيعا.. خذ تفاصيل ما يجري في سورية من قتل وذبح وتقطيع رؤوس وأجساد وسلخ جلد وأكل لحم البشر واعرضها على من يسوقون هذا المصطلح.. وأترك الرأي لك.

السؤال الثامن: ما هو الشيء الذي يعالجه الربيع العربي أو ما يطلق عليه الربيع العربي في الدول العربية؟

السيد الرئيس: العلاج لن يأتي لا من الربيع ولا من غيره.. العلاج يأتي منا نحن.. نحن من يجب أن يعالج.. أن نكون فاعلين لا منفعلين.. فعندما نقوم نحن بعلاج مشاكلنا سيكون العلاج صحيحا.. أما الربيع .. إن كان سيعالج .. فهي معالجة منفعلة ونتيجتها مشوهة.

نحن وكثير من دول الشرق الأوسط لدينا مشاكل كثيرة.. نعرفها وننظر إليها بشكل موضوعي.. وهذا هو المنطق الصحيح لحل هذه المشاكل. الأهم إذا أن يكون علاجنا من الداخل.. لأن أي شيء يأتينا من الخارج سيعطيك مولودا مشوها غير قابل للحياة السليمة.. لذلك عندما ندعو الى حوار أو حلول ما.. يجب أن تكون محلية وطنية لنصل إلى سورية التي نريدها.

ما يحصل في العراق وقبله في لبنان هو تداعيات ما يحصل في سورية.. وهذا سيمتد بشكل طبيعي

السؤال التاسع: سيدي الرئيس لقد قلتم أنكم ضد أي تدخل أجنبي يمكن أن يؤدي إلى انزياح المعركة إلى مساحات واسعة؟ هل وصلتم إلى هذا الشيء؟

السيد الرئيس: لنكن واضحين في هذه النقطة.. هناك نوعان من التدخل الأجنبي.. الأول بشكل غير مباشر عبر وسطاء وعملاء.. والثاني هو تدخل مباشر من خلال شن الحروب.. نحن في المرحلة الأولى.

في بداية الأزمة قلت إن التدخل في سورية ولو بشكل غير مباشر هو كاللعب بفالق الزلزال.. سيؤدي إلى ارتجاج المنطقة كلها.. في حينها قال الكثيرون وخصوصا في الإعلام إن الرئيس الأسد يهدد بأنه سيوسع الأزمة لتصل للجميع.. وهذا طبعا دليل على أنهم لم يفهموا ما قصدته وهو ما حصل الآن.. لو نظرنا إلى الواقع سنرى أن ما يحصل في العراق وقبله في لبنان هو تداعيات ما يحصل في سورية.. وهذا سيمتد بشكل طبيعي.

رغم كل ذلك.. ونحن ما زلنا في النوع الأول .. التدخل غير المباشر .. وبدأنا نرى هذه النتائج.. فما بالك لو حصل تدخل عسكري.. طبعا سيكون الوضع اسوأ بكثير وعندها سنرى تأثير الدومينو لانتشار التطرف والفوضى والتقسيم.

العلاقة بيننا وبين روسيا وإيران وغيرها من الدول التي تقف مع سورية هي علاقة تعاون تكفلها وتضمنها المواثيق والقوانين الدولية

السؤال العاشر: أنتم تنتقدون تورط دول مثل السعودية وقطر وتركيا وبريطانيا في الأزمة السورية.. أليس صحيحا أن روسيا وإيران متورطتان أيضا؟

السيد الرئيس: هناك فرق كبير بين التعاون بين الدول والتدخل في الشؤون الداخلية لدولة ما وزعزعة استقرارها.. التعاون بين الدول يتم برغبة متبادلة فيما بينها بما يحافظ على سيادتها واستقلالها وحرية قرارها وضمان استقرارها.. العلاقة بيننا وبين روسيا وإيران وغيرها من الدول التي تقف مع سورية هي علاقة تعاون تكفلها وتضمنها المواثيق والقوانين الدولية.

أما الدول التي ذكرتها.. فهي ومن خلال السياسات التي تنتهجها إزاء الأزمة السورية تتدخل في الشؤون الداخلية لسورية وهو تدخل سافر ترفضه المواثيق الدولية ويعد انتهاكا للقانون الدولي وخرقا لسيادة الدولة.

هذا هو الفرق.. التعاون بين الدول يهدف إلى الحفاظ على الاستقرار وازدهار الشعوب بينما التدخل الخارجي فهدفه زعزعة هذا الاستقرار ونشر الفوضى والتخلف.

السؤال الحادي عشر: سيدي.. ذكرتم انه في العراق ولبنان هناك بعض الإرهاصات للأزمة السورية.. ولكن هناك أنظمة أو مجتمعات تعتمد على ما يسمى النظام الطائفي.. هل تعتقدون أن هذه العوامل الموجودة هناك.. أو حامل السياسة في هذه الدول.. السنة والشيعة.. سينقلون هذا الشيء الى سورية؟

السيد الرئيس: طبعا عندما يكون لديك أنظمة طائفية مجاورة لك.. أو اضطرابات طائفية أو حروب أهلية.. كما حصل في لبنان منذ 30 عاما أو أكثر .. فهذا سيمتد إليك.. لذلك تدخلت سورية في لبنان في عام 1976 لكي تحمي نفسها وتحمي لبنان.. ولهذا أيضا نهتم بما يحصل في العراق.. لأننا سنتأثر به مباشرة.. من هنا كان موقفنا ضد الحرب على العراق موقفا حادا بالرغم من الإغراءات والتهديدات الأمريكية في ذلك الوقت.. لأنه لم يكن لدينا قناعة بأنه علينا أن نرضي الأمريكيين ونخسر استقرارنا.. لذلك الأنظمة الطائفية هي أنظمة خطيرة.. وهذا يجعلني أؤكد على الأنظمة العلمانية وهي نقيض الأنظمة الطائفية.. حيث كل المواطنين متساوون بغض النظر عن الدين.

جبهة النصرة فرع من القاعدة.. وبالتالي يحملون نفس الأيديولوجيا تماما

السؤال الثاني عشر: سيدي الرئيس.. أنتم تقاتلون جبهة النصرة.. حدثونا عن هذه الجبهة.. ما هي.. من يدعمها.. من يمدها بالسلاح وبالمال؟

السيد الرئيس: جبهة النصرة فرع من القاعدة.. وبالتالي يحملون نفس الأيديولوجيا تماما.. لكنهم يعيشون في منطقة سورية والعراق ولبنان والأردن.. يتم تمويلهم بشكل أساسي من قبل كل الأشخاص والمنظمات غير المعلنة التي تملك المال وتحمل الأيديولوجيا نفسها.. أموالهم كثيرة وسلاحهم أيضا لأن التبرعات تأتيهم بشكل مباشر ومن الصعب معرفة المصدر والمصب. يهدفون أساسا لإقامة دولة إسلامية .. كما يفكرون هم بالإسلام .. يعتمدون بشكل أساسي على المذهب الوهابي.. وبالتالي كله يصب في فكر القاعدة كما هو الوضع في أفغانستان تماما.

هذه الأيديولوجيا يطبقونها الآن في المناطق التي يتواجدون فيها.. وبشكل أساسي على المرأة.. يقولون وربما يعتقدون انهم يطبقون الشريعة الإسلامية أو الدين الإسلامي.. وبالطبع هم يطبقونها بشكل منحرف ومشوه تماما ولا علاقة له بالدين الإسلامي.. نستطيع أن نرى بعضا من نماذج وحشيتهم على بعض الفضائيات المأخوذة من اليوتيوب الآن.. وهم من يقوم بنشرها عمدا كتسويق لفكرهم.. ليس آخرها ما شاهدناه على التلفزيون البلجيكي لأشخاص منهم يقطعون رأس إنسان بريء.. أما بالنسبة لأعضائها فهم من سورية ومن دول عربية وإسلامية وأوروبية.

السؤال الثالث عشر: ما هو الدافع الذي يحدو بالمملكة العربية السعودية وقطر كي تسلحا الإرهابيين ضدكم؟ ما مقصدهم؟

السيد الرئيس: أولا.. أعتقد أن هذا السؤال يجب أن يجيبوا هم عليه.. ولكن أنا سأجيب بتساؤلات.. هل يدعمون المسلحين إيمانا منهم بالحرية والديمقراطية كما كانوا يدعون في إعلامهم... أساسا هل لديهم ديمقراطية في بلدانهم حتى يدعموا الديمقراطية في سورية... هل لديهم برلمان منتخب... هل لديهم دستور اختاره الشعب... هل قرر الشعب يوما ما.. منذ عقود حتى اليوم.. شكل الدولة التي يرغب بها... ملكية أم رئاسية أم إمارة أم غيرها... فإذا الأمور واضحة.. أعتقد بأنهم أولا يجب أن يهتموا بشعوبهم.. وثانيا أن يجيبوا على سوءالك.

لدى فرنسا وبريطانيا مشكلة مع الدور السوري المزعج في المنطقة حسب رأيهم.. فهذه الدول كما أمريكا تبحث عن إمعات ودمى تنفذ مصالحهم دون أي اعتراض

السؤال الرابع عشر: ما الذي يعنيه رأي فرنسا وبريطانيا بأن تتولى المملكة العربية السعودية وقطر القيادة في هذه المعمعة الحاصلة حاليا؟ ما الذي يقصدونه؟ ما الذي يريدونه من هذا التوجه؟

السيد الرئيس: أيضا لا أستطيع أن أجيب نيابة عن فرنسا وبريطانيا.. لكن أستطيع أن أعطيك الانطباع العام هنا..

أنا أعتقد بأن لدى فرنسا وبريطانيا مشكلة مع الدور السوري المزعج في المنطقة حسب رأيهم.. فهذه الدول كما أمريكا تبحث عن إمعات ودمى تنفذ مصالحهم دون أي اعتراض.. ونحن رفضنا أن نكون كذلك بل وكنا دائما مستقلين أحرارا.. فرنسا وبريطانيا دول استعمارية تاريخيا.. ويبدو أنهما لم تنسيا هذا التاريخ وما زالتا تتعاملان مع هذه المنطقة بنفس الطريقة لكن الآن عبر وكلاء وعملاء.. نعم قد توجه فرنسا وبريطانيا السعودية وقطر بما يجب أن يفعلاه.. لكن بالمقابل يجب ألا ننسى أن سياسة فرنسا وبريطانيا واقتصادهما هو رهن بالبترودولار.. المهم أن ما حصل في سورية كان فرصة لكل هذه الدول للتخلص من سورية.. هذه الدولة غير المطيعة.. والبحث عن رئيس يقول لهم حاضر دائما.. وهذا ما لم ولن يجدوه لا الآن ولا مستقبلا.

لا أستطيع أن أقول إن الأوروبيين مع الدولة السورية.. ولكن هناك دولا لديها موقف عدواني تجاه الدولة السورية.. وخاصة فرنسا وبريطانيا.. الدول الأخرى بالمقابل.. وفي مقدمتها ألمانيا تسأل أسئلة منطقية

السؤال الخامس عشر: الاتحاد الأوروبي لم يمدد حظر السلاح على سورية.. ولكنه بالمقابل لم يسمح بتوريد السلاح إلى المعارضة.. كيف تقيمون هذه الخطوة؟

السيد الرئيس: من الواضح أن هناك انقساما في الاتحاد الأوروبي حول هذا الموضوع من عدة جوانب.. لا أستطيع أن أقول ان الأوروبيين مع الدولة السورية.. ولكن هناك دولا لديها موقف عدواني تجاه الدولة السورية.. وخاصة فرنسا وبريطانيا.. الدول الأخرى بالمقابل.. وفي مقدمتها ألمانيا تسأل أسئلة منطقية.. حول نتيجة إرسال السلاح للإرهابيين.. وما الذي سيحصل.. أولا ستدمر سورية أكثر.. ومن سيدفع الثمن الأكبر هو الشعب السوري.. النقطة الثانية أنت ترسل سلاحا الى إرهابيين.. والأوروبيون يعرفون انهم إرهابيون.. البعض يحاول تسويق الطريقة الأمريكية عن مقاتلين جيدين ومقاتلين أشرار تماما كما فعلوا وقالوا منذ عدة سنوات أن هناك طالبان جيد وطالبان سيء.. قاعدة جيدة وقاعدة سيئة.. الآن هناك مصطلح جديد.. أن هناك إرهابي جيد وإرهابي سيىء.. هل هذا منطقي... هم الآن يعرفون ان وصول السلاح إلى هذه المنطقة يعني وصوله إلى الإرهابيين.. وهذا سيكون له نتيجتان.. الأولى هي أن الحديقة الخلفية لأوروبا ستكون حديقة إرهاب.. وأوروبا ستدفع الثمن.. فعندما يكون هناك إرهاب يعني أن هناك فوضى.. والفوضى تعني فقرا.. والفقر يعني أن تفقد أوروبا سوقا مهما لها.

الإرهاب عندما يسيطر هنا فإنه سينشر رسالته الإرهابية باتجاه أوروبا

النتيجة الثانية هي تصدير الإرهاب لكم مباشرة.. لأن الإرهاب عندما يسيطر هنا فإنه لن يتوقف هنا بل سينشر رسالته الإرهابية باتجاه أوروبا إما من خلال الهجرة غير الشرعية للإرهابيين أو من خلال عودة الإرهابيين الأوروبيين إلى بلدانهم الأصلية.. وسيعودون مدربين ومشربين بالأيديولوجيا المتطرفة أضعاف المرات.

كل ذلك سيؤدي وأدى برأيي إلى وجود انقسام بل وربما صراع داخل الاتحاد الأوروبي حول هذه الحقائق.. فلا يوجد لهم أي مخرج آخر.. أو أن يضطروا للتعاون مع الدولة السورية ولو لم تعجبهم.

المعارضة السياسية لديها برنامج سياسي معلن وأما القتل والذبح فهو إرهاب يعيد البلاد سنوات نحو التخلف

السؤال السادس عشر: سيادتكم قلتم إنه في حال قامت دول الإتحاد الأوروبي بإرسال أسلحة إلى سورية.. فإنها ستقوم بإرسالها إلى الإرهابيين.. هل تعتبرون أن جميع المسلحين هم من الإرهابيين؟

السيد الرئيس: أنا سأسألك كمواطن ألماني أوروبي.. هل يسمح لك في بلدك أن تحمل السلاح وتقتل الأبرياء.. وتروع المواطنين.. وتخرب وتسرق... إلخ... في كل بلدان العالم كل شخص يحمل السلاح طبعا ما عدا الجيش والشرطة ويقتل الناس.. ويهدد ويروع الآمنين هو بالتعريف إرهابي... انظر إلى ما يجري في سورية... من يحملون السلاح يقومون بهذه الأعمال.. بغض النظر عن خلفياتهم سواء أتوا من فكر متطرف أو هم أصلا خارجون عن القانون أو مطلوبون في جرائم متعددة.. إنهم إرهابيون... ولذلك نحن دائما نفرق بين الإرهابيين وبين المعارضة.. فالمعارضة السياسية لديها برنامج سياسي معلن وأما القتل والذبح فهو إرهاب يعيد البلاد سنوات نحو التخلف.

السؤال السابع عشر: إذا ترون سيدي الرئيس أن المستقبل هو ضد الإرهاب.

السيد الرئيس: هذا هو المنطق.. ولكن لديكم الكثير من المسؤولين غير المنطقيين في أوروبا.. وغير الواقعيين.. وغير الموضوعيين.. والذين يعملون بعواطف سلبية بدلا من العقل.. السياسة فيها مصالح لا تعتمد على الحب والكره.. وأنت عليك أن تسأل نفسك كألماني ما هي مصلحتي فيما يحصل في المنطقة... بكل بساطة ما يحصل هو ضد مصلحتك.. هو ضد أوروبا. لديكم مصلحة في مكافحة الإرهاب.

السؤال الثامن عشر: ترى بعض الجهات أن حزب الله هو منظمة إرهابية. وكما سمعنا بأن حزب الله قاتل إلى جانب القوات السورية في القصير.. كما سمعنا أن عناصر من الحرس الثوري الإيراني موجودون لديكم. هل تحتاجون إلى هذه القوى؟

السيد الرئيس: الإعلام الآن يحاول أن يصور أن حزب الله كان يقاتل.. والجيش السوري هو جيش ضعيف لا يحقق أي انتصار.. هذا هو الهدف.

في الواقع نحن منذ عدة أشهر نحقق انتصارات كبيرة على الأرض في مناطق مختلفة.. وربما أهم من القصير.. ولا يتحدثون عنها.

ولا أحد يقاتل في تلك المناطق سوى الجيش السوري. أيضا هناك قوات شعبية تقاتل مع الجيش الآن دفاعا عن مناطقها.. هي من السكان المحليين.. وهذا أحد أسباب نجاحنا في سورية.. لكن القصير أخذت أهمية.. بسبب تصريحات المسؤولين الغربيين.. حتى أن مسؤولين في الأمم المتحدة ادعوا انهم يعرفون ماذا يجري في القصير.. وأصبح المسؤولون الغربيون يتحدثون عنها بأنها بلدة استراتيجية.

كلا.. الوضع مبالغ به.. ولكن كان فيها عدد كبير من المسلحين والسلاح.. وبدأ الإرهابيون يضربون القرى الموالية لحزب الله على الحدود فكان لا بد من تدخل حزب الله مع الجيش السوري لإنهاء الفوضى.

الجيش السوري جيش كبير ويستطيع أن يقوم بمهامه مع السكان المحليين في كل المناطق.. أما لو كنا نريد المساعدة فلماذا لم نأت بهذه القوات إلى ريف دمشق... وأنت تعرف أن المعارك موجودة قرب دمشق.. دمشق بكل تأكيد أهم من القصير.. حلب أهم من القصير.. كل المدن الكبرى أهم من القصير.. فهذا كلام غير منطقي.. ولكن كما قلت في البداية الهدف هو إظهار أن من ينجز العمل هو حزب الله.. ولإثارة الرأي العام الغربي والعالمي ضد حزب الله.

السؤال التاسع عشر: كيف تقيمون قوة كتائب حزب الله الموجودة في سورية.. هل هي قوية وأعدادها كبيرة؟

السيد الرئيس: لا يوجد كتائب.. هم أرسلوا عددا من المقاتلين على أطراف الحدود حيث يوجد إرهابيون في منطقة الحدود عند القصير.. وساعدوا الجيش السوري في عملية التنظيف على الحدود اللبنانية.. ولم يرسلوا قوات إلى داخل سورية.. كما تعلم قوات حزب الله تتموضع باتجاه إسرائيل ولا تستطيع أن تغادر جنوب لبنان.. ومهما أرسل حزب الله إلى سورية فكم يستطيع أن يرسل... بضع مئات... أنت تتحدث عن معركة يوجد فيها مئات آلاف الجنود من الجيش العربي السوري.. وبالتالي بضع مئات تؤثر في مكان.. ولكن لا تستطيع أن تغير الموازين في سورية.

كل ما يقال حول استخدامنا للسلاح الكيماوي هو جزء من استمرار الأكاذيب الأمريكية والغربية حول الوضع في سورية

السؤال العشرون: سيدي الرئيس.. تقول بريطانيا وفرنسا إن لديهما بعض الأدلة الواضحة لاستخدام أسلحة كيماوية.. حتى أن البيت الأبيض قال إن لديه ما يؤكد ذلك الآن ما أدى إلى مقتل 150 شخصا خلال عام.. إضافة إلى أنكم لم تسمحوا بدخول منظمة الأمم المتحدة إلى المناطق إلا إلى حلب. ماذا تقولون عن هذه الناحية؟

السيد الرئيس: لنبدأ مما صرح به البيت الأبيض حول الـ 150 شخصا... عسكريا الجميع يعرف أن السلاح التقليدي العادي أثناء الحروب يقتل وبيوم واحد هذا العدد وربما أكثر وليس على مدى عام كامل... أسلحة الدمار الشامل تستخدم لقتل مئات بل وآلاف الأشخاص دفعة واحدة هذا هو الهدف من استخدامها.. وبالتالي من غير المعقول أصلا أن تستخدم السلاح الكيماوي لتقتل عددا يمكن لك بالسلاح التقليدي أن تصل إليه.

إن أميركا وفرنسا وبريطانيا.. وبعض المسؤولين الأوروبيين.. قالوا اننا استخدمنا هذه الأسلحة في عدد من المناطق السورية.. بغض النظر عن وجود أو عدم وجود هذه الأسلحة.. فنحن لم نعلن بأننا نمتلكها أو لا نمتلكها.. ولكن هل تعتقد بأنهم لو كانوا يملكون دليلا واحدا فقط على أننا استخدمنا سلاحا كيماويا أما كانوا أعلنوا عنه على الملأ وأمام الدنيا كلها... ثم أين الأدلة والإثباتات التي أدت إلى هذه النتيجة "بأن سورية استعملت سلاحا كيماويا"... هذا الكلام بات مضحكا فعلا.

الدليل على أنهم يكذبون وأن الإرهابيين هم من استخدم السلاح الكيماوي.. إننا عندما طالبنا الأمم المتحدة بإرسال لجنة تحقيق إلى المكان الوحيد الذي استخدم فيه الإرهابيون السلاح الكيماوي وهو في حلب.. الفرنسي والبريطاني هم من عرقلوا هذا الأمر.. لأن مجيء لجنة التحقيق سيثبت بأن الإرهابيين استخدموا السلاح الكيماوي.. وسيظهر تماما بالدليل القاطع أن فرنسا وبريطانيا تكذبان.

نحن لم نرفض مجيء اللجنة.. نحن من دعا إلى مجيئهم.. هو مقترح سوري.. ولكن هم أرادوا أن تذهب هذه اللجنة إلى كل الأماكن في سورية.. وتقوم بنفس العمل الذي قامت به لجان التحقيق في العراق.. وتدخل في قضايا ليست من اختصاصها.

نحن دولة لدينا جيش.. لدينا أسرار.. ولن نسمح لأحد بأن يطلع عليها.. لا الأمم المتحدة ولا فرنسا ولا بريطانيا ولا غيرها.. فلذلك لن نسمح لهم أن يحققوا إلا في حادثة حلب.

وبالتالي فإن كل ما يقال حول استخدامنا للسلاح الكيماوي هو جزء من استمرار الأكاذيب الأمريكية والغربية حول الوضع في سورية وما هو إلا محاولة لإقناع الرأي العام لديهم إما بصوابية سياستهم أو لتبرير المزيد من التدخل العسكري وسفك الدماء في سورية.

السؤال الواحد والعشرون: بدأت الاحتجاجات في سورية بطرق سلمية قبل أن تتحول لاحقا إلى نزاع مسلح.. منتقدوكم يقولون انه كان من الممكن التعامل مع تلك الاحتجاجات عبر القيام بإصلاحات سياسية.. وبالتالي فأنتم تتحملون جزءا من المسؤولية عن الدمار الحاصل في سورية.. كيف تعلقون على وجهة النظر هذه؟

السيد الرئيس: نحن منذ الأيام الأولى للأزمة.. بل وقد تفاجأ بأننا قبل الأزمة بسنوات بدأنا بالإصلاح في سورية.

عند بدء الأزمة أصدرنا حزمة من القوانين الجديدة.. ورفعنا قانون الطوارئ.. بل وغيرنا الدستور وتم الاستفتاء عليه... كل ذلك ربما يعرفه الغرب أو لا يعرفه.. لكن ما لا يريد أن يراه الغرب هو أنه ومنذ الأسبوع الأول للمظاهرات كان لدينا شهداء من الشرطة.. فكيف يمكن لمظاهرات سلمية أن تسقط شهداء... من يقول إن المظاهرات بقيت سلمية أشهرا طويلة قبل أن يتحول الحراك إلى عسكري هل له أن يشرح لنا كيف سقط هؤلاء الشهداء منذ الأسبوع الأول... هل لهتافات المتظاهرين أن تقتل شرطيا... ما حصل وما قلناه مرارا.. هو أنه منذ الأيام الأولى كان المسلحون يتواجدون بين المتظاهرين ويطلقون النار على الشرطة.. وأحيانا أخرى كانوا يتواجدون في أماكن قريبة من المظاهرات ويطلقون النار على المتظاهرين وعلى الشرطة معا كي يظن كل طرف أن الآخر يعتدي عليه.. وهذا ثبت بالتحقيقات والاعترافات التي نشرناها وبثينا كثيرا منها في الإعلام.

السؤال الثاني والعشرون: سيدي الرئيس.. يقال إن الجيش السوري قام بقصف بعض المناطق.. ألم يكن هناك خيار آخر غير القصف؟

السيد الرئيس: نحن نطارد الإرهابيين حيث يذهبون.. والإرهابيون يدخلون إلى مناطق سكنية في كثير من الأحيان.. ولكن لنأخذ مثالا القصير.. كان الصراخ الغربي في الإعلام يقول بوجود 50 ألف مدني في القصير.. سكان القصير الأصليون هم أقل من ذلك طبعا.. عندما دخل الإرهابيون خرج السكان.. وعندما دخلنا إلى القصير لم نجد مدنيين.. فعمليا كل مكان يدخل إليه الإرهابيون يخرج المدنيون.. وعندها تحصل المعارك.

والدليل على هذا الكلام أن معظم الضحايا في سورية هم من العسكريين.. أما المدنيون الذين قتلوا.. فقتلوا عندما دخل الإرهابيون.. حيث قاموا بعمليات إعدام.. واستخدموا المدنيين كدروع بشرية.

والعدد الأكبر قتل عن طريق الانتحاريين في السيارات المفخخة.. أما الباقي فهم إما إرهابيون أجانب.. أو إرهابيون سوريون.

منذ اليوم الأول مددنا يدنا لكل من يرغب بالحوار ولم نغير موقفنا وبالتوازي كنا نحارب الإرهابيين 

السؤال الثالث والعشرون: بعد هذا الزخم الذي حققتموه في القصير.. هل ترون سيادتكم أن الوقت قد حان لمد اليد للمعارضة؟ ولأي درجة أنتم مستعدون للمصالحة الوطنية؟

السيد الرئيس: أولا.. منذ اليوم الأول مددنا يدنا لكل من يرغب بالحوار.. ولم نغير موقفنا.. وعقدنا في بداية الأزمة مؤتمر حوار وطني.. وبالتوازي كنا نحارب الإرهابيين.. لكن عندما نتحدث عن مفهوم المعارضة.. فلا يجب أن نضع الجميع في سلة واحدة.. لا يجب أن نضع الإرهابي مع السياسي.. لديكم معارضة في ألمانيا.. ولكنها لا تحمل السلاح.. المعارضة هي عمل سياسي.. فإذا عندما نتحدث عن المعارضة نقصد السياسيين.. بالنسبة لهؤلاء.. نعم نحن دائما مستعدون للحوار.. ولا علاقة له بالقصير.

أما بالنسبة للمصالحة الوطنية.. فلا أعتقد بأنه مصطلح دقيق.. فهنا ليست القضية مسألة حرب أهلية كما كان في لبنان.. وليست بيضا وسودا كما كان في جنوب افريقيا.. وإنما القضية هي حوار من أجل الخروج من الأزمة.. ودفع الإرهابيين لإلقاء السلاح. بكل الأحوال نحن مقبلون على مؤتمر جنيف.. وجنيف له نفس الأهداف السياسية. إذا المسار السياسي لم يتوقف.. ولكن هناك عراقيل خارجية.. تركيا.. قطر.. السعودية.. فرنسا.. بريطانيا.. هذه الدول بشكل أساسي لا ترغب بالحوار وترغب باستمرار الاضطرابات.. هذا هو السبب الذي جعل الحوار وإنجاز الحل السياسي يتأخر في سورية.

السؤال الرابع والعشرون: أي جزء من المعارضة السياسية يمكن أن تقبلوا به كجزء شرعي؟

السيد الرئيس: أي معارضة لا تحمل سلاحا.. لا تدعم الإرهاب.. ولديها برنامج سياسي.. لكن أيضا أنت تعرف أن كلمة المعارضة مرتبطة بالانتخابات.

أي إذا كنت معارضا وليس لديك قاعدة شعبية فليس لك قيمة عمليا.

فعلى المعارضة أن تثبت نفسها بالانتخابات.. انتخابات الإدارة المحلية.. والانتخابات البرلمانية وهي الأهم.

نحن نتعامل مع قوى تسمي نفسها معارضة.. لكن هنا نسأل سؤالين.. ما هي قاعدتهم الشعبية.. وما هو برنامجهم السياسي.. وعلى هذا الأساس نتصرف.

السؤال الخامس والعشرون: بعض المعارضة تقول أنكم لا تريدون أن تخطو خطوات باتجاهها لكي تشكلوا جبهة ضد هذا الخطر الخارجي.. هل هذا صحيح سيادة الرئيس؟

السيد الرئيس: بالعكس.. نحن في مؤتمر الحوار الأول في عام 2011 دعونا كل من يعتبر نفسه معارضة لكي يأتي للحوار.. فأتى جزء من المعارضة بينما جزء آخر رفض أن يأتي وهم يبررون ذلك بأننا نحن لا نتقدم نحوهم. ما المقصود أن نتقدم نحوهم... ماذا نقدم لهم... وزراء في حكومة.. هم لا يملكون أي مقعد في البرلمان.. الآن لدينا مئات المعارضين فكيف ستعرف من يستحق أن يكون في الحكومة.. أنت بحاجة الى معايير.. القضية ليست مزاجية.. المعارضة الوحيدة الموجودة في الحكومة الآن هي المعارضة التي حصلت على مقاعد في البرلمان.. بمعنى أوضح.. الدولة ليست ملكا للرئيس كي يقدم هدايا على شكل وزارات.

هي عملية وطنية.. والحكومة والدستور وغيرها يقرر شكلها الشعب.. فإذا نحن أبوابنا مفتوحة للحوار مع الجميع.

عندما تكون المعارضة مستقلة ووطنية لا يوجد لدينا مشكلة

السؤال السادس والعشرون: ماهي معايير هذا الحوار بينكم وبين المعارضة؟ هل يمكن أن يضم بعض أعضاء المعارضة في الخارج إلى هذا الحوار الوطني؟

السيد الرئيس: عندما تكون المعارضة مستقلة ووطنية لا يوجد لدينا مشكلة.. لكن لنكن واضحين فيما يتعلق بالمعارضة الخارجية.. هذه معارضة تعيش في الخارج.. ترفع تقاريرها إلى وزارات الخارجية الغربية ومخابراتها.. تعيش في كنف شعب غربي ولا تعيش في بلدها.. ومن يمولها هو صاحب قرارها بكل شيء.. وبالتالي بالنسبة لنا مفهوم المعارضة هو أن تمثل جزءا من الشعب لا أن تمثل دولة أو دولا أجنبية.. كي تكون معارضة حقة لابد أن تعيش على التراب السوري مع شعبه ومشاكله وهمومه.. عندها ستكون هذه المعارضة جزءا من العملية السياسية.. أما أن تكون خاضعة لدول أجنبية فنحن لا نسميها معارضة.. بل نسميها معارضة بالوكالة.

السؤال السابع والعشرون: القتال ضد الإرهاب له الأولوية الآن. أعود مرة ثانية إلى السؤال الذي شرحتموه سيادة الرئيس.. هذا ما قلتموه مرة في إحدى مقابلاتكم وأعتقد أنه مع قناة المنار.. إننا إذا أردنا أن نحاور فإننا نحاور السيد ولا نحاور العبد. إلى أي درجة أنتم مستعدون لإجراء حوار حتى مع هذه القوى في المستقبل بعد أن نكون قد أنهينا الجزء الأول وهو عمليا مكافحة الإرهاب؟

السيد الرئيس: نحن سنذهب إلى جنيف من أجل هذا الحوار.. ولكن أنا قلت هذا الكلام لكي أوضح ما الذي سيحصل عمليا.. عندما تجلس مع شخص وهو لا يملك القرار فأنت تفاوض صاحب القرار.. لأن هذه الدول التي تقف خلفهم ستقول لهم ماذا يفعلون وماذا لا يفعلون.. وستقول لهم ماذا يقبلون وماذا يرفضون.. وتستطيع أن ترى عبر الفضائيات كيف كان السفير الفرنسي في سورية يتحدث مع المعارضة السورية ويعطيهم الأوامر ويشتمهم.

وفي فيديو آخر.. وهذا على لسان المعارضة نفسها.. تحدثوا كيف شتمهم السفير الأمريكي في سورية.

فنحن إذا سنفاوض عمليا أمريكا وفرنسا وبريطانيا وأدواتهم.. تركيا وقطر والسعودية.. فهذه القوى التي تسمى معارضة الخارج مجرد موظفين.. ولذلك أنا تكلمت عن العبد والسيد.

نأمل أن يكون مؤتمر جنيف محطة مهمة لتدفع الحوار في سورية

السؤال الثامن والعشرون: ما الذي تتوقعونه أو تنتظرونه من المؤتمر؟ هل سيكون هناك مثلا نوع من الجمود أو التقدم بعد ذلك؟

السيد الرئيس: نحن نأمل أن يكون مؤتمر جنيف محطة مهمة لتدفع الحوار في سورية.. وخاصة اننا أعلنا في بداية العام عن رؤية للحل السياسي يستند إلى جنيف1 .. لكن وبنفس الوقت الذي نذهب فيه إلى هذا المؤتمر بهذا التصور.. يجب أن نعرف الوقائع.

أول هذه الوقائع أن هناك دولا ليس لها مصلحة في نجاح جنيف2 .. نفس هذه الدول التي ذكرتها هي التي تدعم الإرهابيين في سورية.

السؤال المنطقي هو ما العلاقة بين مؤتمر جنيف والإرهاب على الأرض... هناك علاقة واحدة.. إذا تمكن مؤتمر جنيف.. وهذا ما نأمله.. من منع تهريب السلاح وتهريب الإرهابيين إلى سورية.. وهناك إرهابيون من 29 جنسية تم إحصاؤهم حتى الآن عندها ستكون بداية النجاح وسيبدأ تراجع الأزمة.. أما إذا لم يحصل هذا الشيء واستمر الإرهاب فما قيمة أي حل سياسي... عمليا الحل السياسي يستند إلى إيقاف تهريب الإرهابيين والسلاح.. نحن نأمل من مؤتمر جنيف أن يبدأ بهذه النقطة.. وإذا تمكن فقط من تحقيق هذه النقطة فأنا أعتبره مؤتمرا ناجحا جدا.. من دون تحقيق ذلك لن يكتب له النجاح.

السؤال التاسع والعشرون: فيما إذا لم ينجح مؤتمر جنيف2 ما هي النتائج؟

السيد الرئيس: في كل الأحوال هذه الدول مستمرة في دعم الإرهابيين وستستمر.. وعندها إذا لم تنته الأزمة السورية ستنتشر إلى دول أخرى وستصبح الأمور أسوأ.. فالمنطق يقول إن للجميع مصلحة بالنجاح.. أما بالنسبة للمعارضة الخارجية.. فإذا نجح المؤتمر فسيفقدون الأموال التي كانت تأتيهم.. وإذا كنت لا تملك الأموال ولا القاعدة الشعبية فأنت لا تملك شيئا.

السؤال الثلاثون: هل يمكن أن يطرح مؤتمر جنيف2 حكومة تضم أشخاصا من اتجاهات سياسية مختلفة؟

السيد الرئيس: هذا ما طرحناه أيضا في المبادرة السورية.. تحدثنا عن حكومة موسعة تمثل جهات مختلفة تحضر لانتخابات برلمانية.. ومن ينجح في الانتخابات يساهم.. ومن لا ينجح ليس له مكان. نحن كنا منفتحين لهذه الفكرة منذ بداية الأزمة ولم تكن لدينا مشكلة بهذا الشأن.

السؤال الواحد والثلاثون: يقول بعض منتقدي الرئيس.. إن دما كثيرا سال في سورية.. وهذا الشيء الذي حصل في سورية هو عائق لما سيحدث في المستقبل. ويقولون إن السبب في ذلك هو القيادة.إلى أي حد أنتم مستعدون سيادة الرئيس.. للتخلي عن منصب الرئاسة للوصول إلى سورية جديدة؟

السيد الرئيس: الرئيس لديه مهمة بحسب الدستور.. ولديه فترة ولاية تنتهي في عام 2014 عندما يكون البلد في أزمة.. تكون مهام الرئيس أكبر وليست أقل.. فمن الطبيعي ألا تترك البلد خلال الأزمة.. بالعكس يجب أن تعالج الوضع أولا.

ودائما نكرر مثل قائد السفينة التي تدخل في عاصفة.

تخيل أن قبطان السفينة ركب في زورق النجاة وهرب.

إذا كان قراري أن أترك في هذه الظروف فهي خيانة وطنية.. ولكن عندما يكون قرار الشعب أن تتخلى عن منصبك فهذا موضوع آخر.

كيف تعرف أن الشعب يريدك أن تترك منصبك... إما بالانتخابات أو الاستفتاء.

في الاستفتاء على الدستور الأخير شارك نحو 58 بالمئة.. وفي هذه الظروف هي نسبة جيدة.. 4ر89 بالمئة وافقوا على الدستور.. هذا مؤشر مهم.

الرئيس ليس هو المشكلة.. ولكنهم وضعوا الرئيس عنوانا لكي يقوم هذا الرئيس بتقديم البلد مجانا إلى الدول التي تقف خلف المعارضة ويأتوا بدلا عنه برئيس أمعة.

هذه هي القضية.

السؤال الثاني والثلاثون: سيادة الرئيس.. أنتم تعيشون مع عائلتكم في دمشق. ما هو حجم الدعم الشعبي للسيد الرئيس وعائلته؟

السيد الرئيس: عندما تكون بعض دول الجوار ودول إقليمية والغرب كله ضدك.. لا يمكن لك أن تستمر لو لم تكن متمتعا بقاعدة شعبية تمكنك من البقاء.

الشعب السوري شعب واع.. فهم ما يجري منذ البدايات فوقف مع دولته وجيشه.

السؤال الثالث والثلاثون: في السنة القادمة ستكون هناك انتخابات رئاسية.. كيف ستكون هذه الانتخابات؟

السيد الرئيس: ستكون بحسب الدستور الجديد.. أي أن هناك أكثر من مرشح.. ستكون تجربة جديدة .. من الصعب أن نعرف بالتحديد كيف ستكون حتى نجربها.

السؤال الرابع والثلاثون: ما هي رؤيتكم سيادة الرئيس لسورية خلال السنوات الخمس المقبلة؟

السيد الرئيس: أكرر بأن التحدي الأكبر هو التطرف.. إذا تمكنا من مكافحته بالفكر.. بالثقافة.. بالمناهج.. عندها نستطيع أن نسير في مسار ديمقراطي سليم.

والديمقراطية التي نراها في سورية هي ليست هدفا.. وإنما هي وسيلة للاستقرار.. ووسيلة للازدهار.

القضية ليست قوانين ودساتير.. فهذه أيضا مجرد أدوات. يجب أن ترتقي بالمجتمع أولا لتكون مؤهلا للممارسة الديمقراطية.

العملية الديمقراطية هي عملية ثقافية .. اجتماعية بالدرجة الأولى.. وعندما يكون لديك الكثير من التابوهات أو المحظورات في عقول الناس من الصعب أن تتطور الديمقراطية.

وأولى هذه المحظورات هي الفكر المتطرف. طبعا عدا عن ذلك نحن نتمنى أن نعيد الإعمار .. نعيد الصناعة التي كانت ناشئة في سورية.. نعود بانفتاح أكثر من الانفتاح الذي كنا فيه.. وسورية منفتحة دائما.. نتعلم الكثير من الدروس من هذه الأزمة.. نتعلم ان الجهل هو عدو المجتمعات.. هو القاعدة للتطرف.

هذه مجرد عناوين.. ولكن نتمنى أن تكون أوروبا أيضا قد تعلمت معنا الكثير من الدروس.

الصحفي: شكرا جزيلا لكم سيادة الرئيس. أنا تأثرت جدا بشخصيتكم.. وبرؤيتكم.. وأتمنى على العالم في أوروبا والغرب أن يتعلم من هذه المقابلة ويبدأ بالنظر إليكم ولبلدكم بشكل مختلف.

السيد الرئيس: شكرا لك وأهلا وسهلا بك في سورية.

بد�,L���� �{ نساني بالوقت نفسه.. فالتسامح هو شيء جيد.. عندما يكون هذا التسامح يخدم العلاقة مع هذا البلد وبالتالي يخدم المواطن السوري فلماذا لا نسير به... لأن الهدف الأساسي لأي دولة هو أولاً مصلحة المواطن.. هذا هو الهدف.. فإذا كان يحقق هذا الهدف فهنا يتوافق المبدأ مع هذه المصلحة وعندها يجب أن نسير به.. وهذا ما قمنا به.. نحن استقبلنا عددا من السياسيين والتقينا مع عدد من الدول التي ناصبتنا العداء.. الهدف كان دائماً هو الوصول إلى مصلحة المواطن السوري.

 

السؤال التاسع عشر..

سيادة الرئيس.. المواطن السوري عامة يعيش اليوم همين وربما أكثر.. هم الإرهاب والدم في الشارع.. في مؤسسات الدولة.. في المصنع.. في أي مكان. والهم الثاني هم المعيشة التي تتعالى.. وتتزايد وطأتها على كاهله. ماذا عن الاقتصاد... ماذا عما يشاع اليوم بأن الارتفاع الجنوني للدولار هو الذي يتسبب وبما يؤول علينا بهذه المصائب... ماذا نقول للمواطن السوري اليوم اقتصادياً...

السيد الرئيس..

أولاً لكي يكون التقييم موضوعياً لابد أن نبدأ من البديهيات والأسس.. من البديهيات.. الوضع الجيد للمواطن بحاجة لاقتصاد جيد.. والاقتصاد الجيد بحاجة لوضع أمني جيد. لا يمكن أن يكون هناك أمن مضطرب مع اقتصاد جيد.. هذه بديهية. وبالتالي المشكلة الأمنية تؤثر فينا بشكل مباشر شئنا أم أبينا.. بغض النظر عن أي أداء لأي حكومة.. ولو أتينا بأفضل الناس.. سيكون هناك تأثير.. بنفس الوقت.. البديهية الأخرى.. أن الدول التي حاولت أن تضرب سورية أولاً من خلال فكرة الثورة التي فشلت لأنها لم تجد الحاضنة الشعبية.. ولاحقاً من خلال فكرة الارهاب الذي واجهه الجيش والشعب بنفس الوقت.. وأيضاً فشلوا.. فكان لابد من العمل على الموضوع الاقتصادي.. لينتقموا من المواطن الذي وقف مع وطنه.. وقف مع نفسه ومع الوطن أولاً. كان لابد أن يدفع الثمن.. فكان الطريق الاقتصادي هو طريق آخر ومواز للأمني لكي يحاولوا ضرب سورية. فإذا أخذنا بالاعتبار هذين الجانبين يجب أن نعرف بأن هناك ثمنا لابد أن ندفعه. الآن يجب أن نعرف بأننا نستطيع دائماً أن نخفف من الأضرار.. لأنه في هذه الظروف ينشأ تجار الأزمات. الذين يزيدون من المعاناة. هناك الجانب الآخر غير الموضوعي.. هو الأداء الخاطئء من أي مسؤول حتى لو كان مرتبطاً بمجال آخر. فأيضاً هذا يزيد من المعاناة. علينا إذاً أن نتعامل مع هذا الجانب ومع الجانب الآخر. وأيضاً علينا أن نبحث ما السياسات التي تناسب هذه المرحلة. البعض يقع في خطأ أحياناً.. أن يقيم السياسات أو الأداء بنفس الطريقة التي كان يقيم فيها قبل الأزمة. هذا كلام غير موضوعي. نحن في ظرف مختلف الآن. هناك أيضاً طبيعة الحياة.. أو الطبيعة الاستهلاكية التي نعيشها. من غير المعقول أن نعيش حياة استهلاكية بنفس الطريقة التي كانت قبل الأزمة. وهذا موضوع ضاغط أيضاً.. ويشكل ضغطاً على الاقتصاد وعلى الليرة. لابد أن نغير نمط حياتنا أحياناً.. لكي نخفف من الضغوطات ونتأقلم معها ريثما نذهب الى الحل الأساسي وهو الوضع الأمني. فإذاً الحل قبل كل شيء.. وما يجب أن نعرفه جميعاً.. أن معاناتنا الاقتصادية لن تنتهي قبل أن ننهي الحالة الأمنية. لذلك بما أن هذا الموضوع أصاب الجميع.. بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية.. حتى من كان يقف مع الثورة المزعومة أصابه الفقر الآن وبدأ يعي بأنه خسر.. وهذا شيء مؤسف أن ينتظر حتى يصل إلى مرحلة الفقر كي يفكر.. طبعاً هذا موجود في بؤر محدودة.. ولكن الآن علينا أن نتكاتف جميعاً لضرب الإرهاب كي يعود الاقتصاد كما كان. يجب أن نبحث عن تجار الأزمة ونتعامل معهم. يجب أن يتعاون المجتمع والدولة الآن. يجب أن نبتعد عن فكرة الاتكالية.

نحن لدينا مشكلة منتشرة.. نحن اتكاليون.. كل واحد يتكل على الآخر.. هذه مشكلة.. موجودة في مجتمعنا.

نفس الشيء بالنسبة للدولة والمجتمع.. إذا لم يتكاتف المسؤول مع المسؤول.. والمواطن مع المواطن والمسؤول مع المواطن.. ستزداد المعاناة. فإذاً يجب أن نكافح تجار الأزمة. يجب أن نبتكر أفكاراً جديدة.. كلنا نسهم بهذه الأفكار. كيف نتعامل مع هذه الظروف الصعبة التي فرضت نفسها... ما الحلول الأفضل من الناحية الاقتصادية... يجب أن نبادر كلنا لاستنباط الأفكار.

وهنا يأتي دور الإبداع. عندما لا نكون مبدعين ستفرض الأزمة كل خياراتها علينا. يجب أن نفرض نحن الحلول. فإذاً أمامنا خيار.. ولكن أعود وأؤكد.. إذا تعاونا وضربنا هذا الوضع الإرهابي بأقصر فترة فأنا لا يوجد لدي أي قلق بأن الاقتصاد سيعود أقوى من السابق لأن لدينا شعبا حيا. نحن بلد حضارة. لم نستورد التطور من الخارج. نحن بنينا بلدنا بأموالنا وبخبراتنا.. على الرغم من العثرات.. لكن بنيناها. إذاً نحن قادرون بعد الأزمة أن نعود ونقوم بعملية إطلاق قوية للاقتصاد السوري. ما نحتاجه الآن هو الأمن أولاً.

السؤال العشرون..

ما حقيقة الثروات النفطية والغازية التي تتحدث عنها مجموعة من مراكز الأبحاث.. مجموعة من المتخصصين في سورية في المياه الإقليمية...

السيد الرئيس..

 هذا صحيح إن كان في المياه الإقليمية أم في الداخل.. الدراسات الأولية تقول إنه لدينا ثروات غازية كبيرة جدا وخاصة في البحر ونحن رأينا الآن من مصر مروراً بفلسطين.. على الساحل هناك ثروات مستثمرة الآن وخاصة يقال انه في القسم الشمالي توجد ثروات أكثر من باقي المناطق فهذا الكلام صحيح. وطرح أن أحد أسباب الأزمة هو هذه الثروة الغازية لأنه لا يجوز أن تكون هذه الثروة النفطية موجودة في يد دولة ممانعة.. ولكن طبعاً لم يطرح معنا هذا الموضوع بشكل مباشر ولكن هذا تحليل منطقي لا نستطيع أن ننفيه ولا نستطيع أن نعتبره سبباً ثانوياً.. قد يكون سبباً رئيسياً ولكن تبقى في إطار التحليلات.

 السؤال الواحد والعشرون

.. سأعود إلى الوضع المعيشي من زاوية أخرى.. هي أن الحكومة قدمت فعلاً زيادة على الرواتب.. مرتين خلال الأزمة.. الزيادة الأولى كانت متوقعة وربما البعض قال انها ضرورية.. أما الثانية فهناك بعض الأوساط فوجئت أن لدى الدولة القدرة على زيادة الرواتب في هذا الظرف.. رغم كل المعاناة.. هذا يولد الأمل أيضاً بخطط ما بعد الأزمة.. هل بدأنا بخطواتنا في هذا الاتجاه... هل فكرنا فيه... هل وضعنا ما يمكن أن يعيننا بالمستقبل...

السيد الرئيس..

 بما أن أكثر شيء عانينا منه هو التدمير.. فإن الأساس الأكبر للاقتصاد السوري هو إعادة الإعمار.. هذا من البديهيات.. وبدأنا من الآن بوضع خطط.. وبدأنا بتنفيذ البعض منها.. ما عرقلها هو العامل الامني.. تم إقرار التشريعات ولكن التنفيذ بحاجة لوضع أمني أفضل لكي يبدأ الناس بالإعمار ولكي يتمكن العمال من الوصول إلى مناطق آمنة لكي يقوموا بعملهم. نقطة مهمة أخرى ذكرتها أنت وهي زيادة الرواتب.. فمجرد أن تكون الدولة قادرة على الاستمرار باعطاء الرواتب وتستمر بتقديم الخدمات ولو بنوعية أقل مما كانت في ظل حرب كالتي نخوضها وبهذا الزمن الذي كان كافياً لانهيار دول أقوى من سورية بكثير.. هو إنجاز كبير.. ولكن مع ذلك أنا دائما أنطلق بالقول ان الايجابيات موجودة ولكن طموحاتنا أكبر.. وأنا دائماً أقول نستطيع أن نكون أفضل إذا تكاتفنا مع بعضنا.

 السؤال الثاني والعشرون..

 هناك سؤال مرتبط بالحالة المعيشية ولكن باتجاه آخر.. البعض يحمل الدولة المسؤولية في بداية الأزمة عن الوضع الحدودي.. فلتان بعض الأسواق والأسعار.. أي بمعنى غياب الدولة.. هل لأننا فوجئنا بالأزمة أم لأن المؤسسات المعنية بهذا الأمر كانت قاصرة...

 السيد الرئيس..

 طبعاً لاشك قبل الأزمة كان لدينا الكثير من السلبيات والنواقص في عمل أجهزة الدولة المختلفة في ظروف طبيعية وكنت دائماً أتحدث عن هذا الخلل وعن الفساد والتقصير والإهمال والبحث عن الشخص المناسب وغيره.. فهذا الخلل أساساً موجود.. طبعاً الأزمة أظهرت هذا الخلل بشكل أكبر أو ضاعفته.. هذا شيء طبيعي.. ولكن الحديث عن فكرة أن الدولة موجودة أو غير موجودة.. هنا البعض كان يقيم الوضع كما هو قبل الأزمة كشأن داخلي.. فساد داخلي وقضايا كلها داخلية.. يجب أن نفرق بين أن تكون المشكلة داخلية كأن تكون هناك دولة.. وبنفس الوقت هناك فوضى.. كلها عوامل داخلية.. هناك عصابات كما في بعض الدول.. هناك قلة أمان.. وبين أن تكون حرباً خارجية.. نحن الآن في حالة حرب.. فهذه الدولة الآن تقوم بالدفاع عن الوطن.. صحيح بأدوات داخلية وصحيح من الداخل ولكن في النهاية الحرب هي حرب خارجية.. فهنا لا ينطبق هذا التقييم على هذه الحالة.. الوضع مختلف تماماً.. وجود الدولة.. هيبة ووزن الدولة.. ينطلق أولاً من فكرة أن تبقى الدولة ملتزمة بمبادئها.. هل غيرت الدولة السورية مبادئها... لم تغير أي شيء بمبادئها الداخلية ولا بمبادئها الخارجية.. بقي موضوع المقاومة نفسه.. الموضوع الفلسطيني نفسه.. بقي الالتزام بالشرائح الأوسع.. العمال.. الفلاحين.. نفسه.. بقي قيامها بعمليات التوظيف ضمن إمكانياتها نفسه.. بقيت قدرتها على تأمين الخدمات حتى اننا افتتحنا مشاريع بنية تحتية على الرغم من التدمير.. فنحن إضافة إلى الإصلاح نقوم بافتتاح مشاريع وهناك دراسة لمشاريع أخرى الآن.. ولكن.. أعود وأقول دائماً.. ضمن إمكانيات الوضع الحالي. فإذاً لم تتغير الدولة ولكننا في حالة حرب ومن الطبيعي أن يكون هناك الكثير من الخلل الذي نراه في مثل هذه الحالة.

السؤال الثالث والعشرون..

المؤسسات تتعرض للتخريب والتدمير.. وهذه المشاهد يفهم منها البعض بأنها طريق سورية إلى الدولة الفاشلة.

السيد الرئيس..

 هذا هو هدف من أهداف ضرب البنية التحتية.. ضرب الأمن.. ضرب الاقتصاد وبالتالي الفوضى الكاملة في المجتمع لنصل إلى الدولة الفاشلة.. هذا هدف من أهدافهم. حتى الآن لم نصل إلى هذه المرحلة والدليل أن هناك جانبا ليس بالقليل من الحياة مازال يسير.. جانب من الاقتصاد مازال يسير على الرغم من الصعوبات التي لا يتوقع أحد أنه بالإمكان تجاوزها. هذه صعوبات حقيقية.. إضافة إلى المخاطر على حياة أي عامل أو أي مستثمر أو أي موظف.. ومع ذلك الناس تذهب إلى العمل. الحقيقة أثبت الشعب السوري بالوقائع وبالتفاصيل بأنه شعب حي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. يحصل تفجير.. وبعد دقائق من انتهاء عمليات الإخلاء تعود الحياة. لم نر هذا الشيء في سورية.. ولم نكن نعرفه عن أنفسنا كسوريين. حقيقة السوريون شعب حي.. يذهبون إلى أشغالهم وهم يتوقعون أن تأتي قذيفة إرهابية أو يحصل تفجير إرهابي أو انتحاري تكفيري في أي لحظة. ولكن نحن شعب حي ومؤمن بالقضاء والقدر. كل هذه الأشياء تجعلنا لا نخشى من الوصول إلى هذه الحالة.

أعتقد أنهم استخدموا كل ما لديهم من أدوات معنوية ومادية.. نفسية وسيكولوجية وغيرها.. لم يبق أمامهم سوى التدخل المباشر وهذا الشيء أكبر بكثير من أن يصلوا إليه لأسباب مختلفة. كما قلت سابقاً ان البدء بحرب ليس كإنهائها.. لا أحد يستطيع أن ينهي الحرب.. ولا أحد يعرف أين تنتهي. فهذا الموضوع كبير جداً وخطر جداً.. لذلك هناك تردد ورفض لدى معظم الدول.. فإذا تجاوزنا كل هذه المراحل بصلابة وبوعي لا شيء آخر نخشاه.. لذلك أنا لست قلقاً. /مداخلة/... إذاً.. أنتم سيدي الرئيس.. متفائلون في هذا الطريق.

السيد الرئيس..

لو لم يكن لدي تفاؤل.. لم أكن قادراً على أن أصمد مع الشعب السوري. ولو لم يكن الشعب السوري لديه تفاؤل لما صمد. لأن اليأس هو بداية الهزيمة.. وهو أساسها. الهزيمة أولاً نفسية. لولا هذا التفاؤل الموجود لدى الناس.. وأنا ألتقي بالناس.. الكل يقول إن شاء الله الأزمة في نهايتها. يعودون لكلمة (سورية الله حاميها).. (لا نخاف). يعودون لما كان يقوله الشهيد البوطي في بعض الحالات عن الإيمان بنهاية الأزمة.. وكثير من المؤمنين الآخرين. هناك إيمان حقيقي من الناحية الدينية ومن الناحية الوطنية بأن الأزمة ستنتهي. لولا التفاؤل لا يمكن أن يكون هناك إيمان.. ولولا الإيمان لا يمكن أن يكون هناك تفاؤل.

السؤال الرابع والعشرون..

سيادة الرئيس.. في الختام.. صحيفتنا تحتفل هذه الأيام بمرور خمسين عاماً على صدور أول عدد لصحيفة الثورة.. قبل أن أطلب من سيادتكم.. وهذا رجاء كل الزملاء أن نسمع كلمة بهذه المناسبة لهؤلاء الزملاء والعاملين في الصحيفة.. أريد أن أقول في دقيقة واحدة ان هناك زملاء في هذه الصحيفة وهذه المؤسسة كانوا مثالا في التفاني والخدمة والعمل.. هناك عامل مطبعة ليس لديه بالطبع طموح سياسي.. فقط حسه الوطني وإحساسه بأن هذه المؤسسة التي يعمل بها والمكان الذي ينتمي إليه هو دافعه الحقيقي ليأتي بعد منتصف الليل ويقف على الحواجز طويلاً وأن يتعرض لمخاطر أمنية.. وهذا ينسحب على جميع العاملين الذين ينطلقون من مبدأ الإخلاص لوطنهم...

السيد الرئيس..

 ما ذكرته عن العاملين في صحيفتكم والذي ينطبق على كل العاملين في الإعلام الوطني يؤكد أن الشعب السوري شعب حي وصامد.. أتمنى أن تنقلا تحياتي الحارة للعاملين جميعاً وخاصة أن صحيفتكم التي تعتبر من أقدم الصحف الوطنية السورية تحتفل في الذكرى الخمسين لصدورها والتي تتزامن مع ثورة الثامن من آذار التي تحدثنا عنها وعما قدمته إلى سورية على مدى عقود.. ولأن هذه الذكرى الآن تمر في ظل ثورة حقيقية.. ولكن ليست الثورة التي تحدثوا عنها وإنما هي ثورة الشعب والجيش ضد الإرهابيين.. هذه هي الثورة الحقيقية. أتمنى أن تكون هذه الذكرى هي المناسبة الحقيقية لانطلاقة جديدة للصحيفة لكي يكون اسم جريدة الثورة في المستقبل لا يعبر عن ثورة واحدة وإنما عن ثورتين.. ثورة 1963 وثورة /2013/.