- الرئيسية
-
وزير الخارجية والمغتربين
- وزارة الخارجية والمغتربين
-
سورية
-
بيانات رسمية
05 تشرين الأول , 2013
دمشق
أكد السيد الرئيس بشار الأسد أن حكومة رجب طيب أردوغان تتحمل مسؤولية دماء عشرات الآلاف من السوريين وتدمير البنية التحتية في سورية وضرب الاستقرار فيها وفي المنطقة.
وحذر الرئيس الأسد في مقابلة مع قناة خلق وصحيفة يورت التركيتين من أن الإرهابيين الموجودين على الحدود السورية وجزء منهم موجود على الحدود التركية ويقدم لهم الدعم من تركيا سيؤثرون في المستقبل القريب على تركيا التي ستدفع الثمن غاليا.
ولفت الرئيس الأسد إلى أن الشعب التركي هو شعب شقيق ومن المهم جدا أن نعمل بشكل مستمر على حماية العلاقة السورية التركية على المستوى الشعبي من انعكاسات ما قام به أردوغان تجاه سورية.
وفيما يلي النص الكامل للمقابلة:
السؤال الأول: السيد رئيس الجمهورية.. بداية أود أن أشكركم على استقبالكم لنا في سورية في هذه المرحلة التي تتعرض فيها لهجمات عالمية منذ ثلاث سنوات وأريد أن أسأل أولا لماذا تم اختيار سورية كهدف لهذه الهجمات العالمية وحيث جميع أنظار العالم تتجه نحو سورية...
الرئيس الأسد..
هناك عدة أسباب.. لا شك بأن الموقع الجغرافي لشرق المتوسط هو موقع مهم وهو محل صراع منذ التاريخ القديم.. هذا الشيء ليس بجديد.. وتركيا نفس الشيء لأنها تشاركنا هذا الموقع الجغرافي.. ولكن هناك أشياء ترتبط بتاريخ الصراع العربي/الإسرائيلي من جانب.. ووقوف الغرب مع إسرائيل ضد الحقوق العربية.. وهناك جانب آخر يتعلق باستقلالية الموقف السوري ويبدو اليوم بأن الغرب لا يقبل بدول خارجة عن إرادته أو سيطرته. هناك أيضا أسباب أخرى تتعلق بموقف سورية من الحرب العراقية منذ عشر سنوات وقبلها الحرب على أفغانستان عندما وقفت سورية مع مكافحة الإرهاب.. ولكنها بنفس الوقت رفضت فكرة الحرب على الإرهاب بالمعنى العسكري.. فكل هذه الأشياء أدت إلى أن تتفق كل هذه الدول التي لم تكن بالأساس مرتاحة لموقف سورية وللدور السياسي للحكومة السورية أو للدولة السورية وقررت أن تستغل الأحداث التي بدأت في العالم العربي منذ نحو عامين من أجل خلق اضطرابات في سورية.. من أجل إضعاف سورية.. ولكن هناك هدف أكبر هو هدف تغيير ليس فقط الوضع السياسي وإنما أيضا الوضع الشعبي.. التعايش الموجود في منطقتنا.. وهذا يستهدف سورية.. ويستهدف العراق ويستهدف لبنان وتركيا.. ويستهدف الدول الأخرى في المنطقة. إذا غيروا هذه البنية الديمغرافية يتمكنون من تغيير الأداء السياسي لتلك الدول ونتحول من شعوب وأمم إلى قطعان يمكن لهم أن يقودوها بالطريقة التي يريدون.
حكومة أردوغان تتحمل مسؤولية دماء عشرات الآلاف من السوريين
السؤال الثاني.. كيف يمكن تقييم موقف تركيا السياسي حيال هذه المواضيع... أين تضعون تركيا في هذا الأمر... كيف تقيمون سلوكها ومواقفها وسياساتها حيال سورية...
الرئيس الأسد..
اليوم تحديدا نستطيع أن نقول إن هناك تركيتين. الأولى.. وهي الأساس.. أي الشعب التركي الذي تمكن ببراعة من أن يقفز فوق كل أكاذيب أردوغان وحكومته وتمكن من معرفة الوضع في سورية منذ الأشهر الأولى أو ربما خلال العام الأول.. بالرغم من كل الإعلام العربي والعالمي والتركي الذي ساهم في تسويق أكاذيب أردوغان.. موقف هذا الشعب اليوم واضح تماما.. وموقفه كان منذ أسابيع قليلة واضحا برفض الحرب على سورية ورفض تورط حكومة أردوغان في الدماء السورية.. هذا جانب من تركيا.. الجانب الآخر وهو الجانب الأصغر.. هو جانب أردوغان وبعض أعضاء حكومته الذين تورطوا حتى رؤوسهم في الدماء السورية.. هذه الحكومة الآن ممثلة بشخص أردوغان تتحمل مسؤولية دماء عشرات الآلاف من السوريين.. تتحمل مسؤولية تدمير البنية التحتية في سورية.. تتحمل مسؤولية ضرب الاستقرار في المنطقة وليس فقط في سورية.. فالمعروف بأنهم تدخلوا في مصر وفي ليبيا وفي تونس وفي عدة دول من المنطقة وورطوا تركيا الدولة والشعب في أشياء وسياسات وحروب ضد مصلحة الشعب التركي. فإذا نرى تركيا اليوم بشكلين متناقضين تماما.. الشعب باتجاه والحكومة وأردوغان باتجاه آخر.
المجموعات الإرهابية استخدمت السلاح الكيميائي في اليوم التالي لوصول لجنة الأمم المتحدة من أجل أن يكون التقرير مضادا للدولة السورية ومنحازا للإرهابيين
السؤال الثالث: السيد الرئيس.. العالم أقام الدنيا وأقعدها فيما يتعلق باستخدامكم للسلاح الكيميائي.. فهل استخدمتم هذا السلاح...
الرئيس الأسد..
لا لم نستخدم السلاح الكيميائي بكل وضوح وبكل بساطة.. أولا لم تكن هناك حاجة لاستخدامه.. لم تكن هناك ظروف تسمح باستخدامه.. لم تكن هناك إرادة من قبل الدولة أو من قبل القوات المسلحة باستخدامه.. فبكل وضوح لا.. الحقيقة أن من استخدمه هو المجموعات الإرهابية.. وتم استخدامه في اليوم التالي لوصول لجنة الأمم المتحدة من أجل أن يكون التقرير مضادا للدولة السورية ومنحازا للإرهابيين.. الأمر كان واضحا بالنسبة لنا.
السؤال الرابع.. هل هناك أي احتمال لأي جهة أخرى تابعة للدولة أن تستخدم هذا السلاح بعلم منكم أو دونه...
الرئيس الأسد..
لا.. لأن الأسلحة الكيميائية في أي جيش.. كما هو الوضع في سورية.. لا توجد مع وحدات عسكرية تقليدية.. هي تحت سيطرة وحدات مختصة.. وعملية تحضير هذه الأسلحة هي عملية معقدة من الناحية التقنية.. لا يمكن أن يتم استخدامها.. كأي سلاح آخر جاهز للاستخدام.. فالعملية لها عدة مراحل ولا يمكن أن تتم إلا بأمر مركزي من القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة.. فإذن هذا الأمر من الناحية العملية مستحيل.
موضوع جنيف 2 مرتبط بالعملية السياسية الداخلية السورية من جانب ومرتبط بإيقاف تدفق الإرهابيين من قبل الدول المجاورة ودعمهم ماديا
السؤال الخامس: لنقل أنكم سلمتم أسلحتكم الكيميائية للأمم المتحدة.. فهل ستساعد هذه العملية في تسريع مسار جنيف... وهل ستلعب دورا إيجابيا في ذلك...
الرئيس الأسد..
لا أرى علاقة بينه وبين جنيف 2 إلا إذا افترض الأمريكيون بأن قرار مجلس الأمن الأخير الذي يعبر عن الاتفاق الروسي الأمريكي هو محطة باتجاه جنيف 2 أو إذا استخدموه كمبرر سياسي للوصول إلى جنيف 2 لكن عمليا لا توجد علاقة بين الموضوعين.. موضوع السلاح الكيميائي مختلف عن موضوع جنيف 2 موضوع جنيف 2 مرتبط بالعملية السياسية الداخلية السورية من جانب ومرتبط بايقاف تدفق الإرهابيين من قبل الدول المجاورة ودعمهم ماديا.. ودعمهم بالأسلحة ايضا.. إذن.. عمليا لا توجد علاقة بين الموضوعين.
السؤال السادس: السيد الرئيس.. يأتي المسلحون الإسلاميون الراديكاليون الإرهابيون من جهات العالم الأربع ليقاتلوا في بلدكم.. برأيكم ما هدفهم... هل هو فقط إسقاط نظام البعث... أم أن لديهم هدفا آخر يسعى لإقامة دولة إسلامية على أساس الشريعة الإسلامية في سورية وبشكل عام في المنطقة.. أي في الشرق الأوسط...
الرئيس الأسد..
لا.. هم لا يهمهم البعث.. هم يريدون التخلص من كل شخص لا يشبههم.. هؤلاء الذين تتحدثين عنهم هم من أصحاب الأيديولوجيا الظلامية.. الأيديولوجيا التكفيرية التي تعتبر كل شخص يعتنق أي عقيدة أخرى غير متطرفة.. غير تكفيرية.. غير عنفية تعتمد على القتل والعنف وقطع الرؤوس والتمثيل بالأموات.. هم يعتبرون هؤلاء غير مسلمين.. وخدمة الإسلام تأتي من خلال القضاء على كل من يخالفونهم.. وبالتالي الدولة التي يريدون إقامتها.. كما قلت نعم صحيح.. هي دولة إسلامية بمفهومهم.. طبعا هي لا علاقة لها بالإسلام ولا علاقة لعقيدتهم بالإسلام.. ولكن هذا هو هدفهم.. يأتون من مختلف أنحاء العالم.. من أكثر من ثمانين دولة من أجل الجهاد وتأسيس هذه الدولة التي ذكرتها.
السؤال السابع: السيد الرئيس.. تأتي المجموعات الإرهابية من كل أنحاء العالم لتقاتل في سورية ضد النظام السوري وضد الشعب السوري. أي المجموعات الجهادية العالمية.. ولدينا معلومات بأن عددهم يقارب السبعين ألفا.. هل لديكم تصور حول ذلك...
الرئيس الأسد..
لا أحد لديه رقم دقيق حول أعداد هؤلاء الإرهابيين.. وذلك لعدة أسباب.. أولا.. هم يدخلون بشكل غير نظامي عبر الحدود السورية من الدول المجاورة وبشكل خاص من تركيا.. ثانيا لأن هذه الحدود الآن غير مضبوطة كليا .. بشكل لا يوجد أي ضابط عليها.. هذا يؤدي إلى دخول وخروج أعداد غير مرصودة.. فليس المهم ما العدد الآن.. المشكلة هي أن ما نقضي عليه من إرهابيين يعوض مباشرة من خلال أعداد تأتي مباشرة عبر هذه الحدود.. فإذن أنت تتحدث عن كمية متجددة من الارهابيين وليست كمية ثابتة. ولكن التقدير المؤكد بأنهم الآن بضعة عشرات من الآلاف.. هل يكونون بالأربعين.. بالخمسين.. بالستين أو بالسبعين ألفا.. هذا الكلام يبقى تقريبيا.
السؤال الثامن: كيف ينظر الشعب السوري إلى هذه المجموعات الراديكالية الإسلامية الإرهابية... هل أجريتم أبحاثا حول هذا الموضوع... هل يدعمهم الشعب السوري.. أو هل يريد الشعب السوري أن يحكم بالشريعة...
الرئيس الأسد..
بشكل عام لا. طبعا سورية تأثرت بما حصل في العراق بعد احتلاله منذ نحو عشر سنوات.. وكانت لدينا بؤر من التطرف موجودة في سورية بدأت تنمو تدريجيا.. ولكن حتى اليوم هي ما زالت عبارة عن بؤر محدودة لم تتمكن من التوسع بشكل كبير لأن المجتمع يرفضها.. فهذا الموضوع مرتبط بثقافة المجتمع وبنوع الإيمان والعقيدة الموجودة.. العقيدة الإسلامية الموجودة في المجتمع السوري.. قبل أن تكون مرتبطة بالدولة السورية.. فعمليا.. نستطيع أن نقول إن هذه البؤر ما زالت محدودة.. لكن مع دخول هؤلاء الإرهابيين لا نستطيع أو لا يجوز أن ننكر بأنهم تمكنوا من تسويق جوانب من عقيدتهم في بعض المناطق.. وخاصة لدى الأطفال.. أي عندما يأتون بطفل عمره 8 سنوات ويقولون له اذبح شخصا مختطفا.. فماذا تتوقعين من هذا الطفل أن يكون عندما يصبح شابا... عندما تتم عمليات ذبح المختطفين أمام أطفال وهم يهتفون بسعادة وكأنهم يشاهدون مباراة رياضية.. ماذا تتوقعين من هذا الجيل عندما يكبر... القضية ليست فيمن تجاوزوا العشرين أو الثلاثين من العمر.. نحن نتحدث عن أجيال قادمة.. هنا لا نستطيع أن نغض النظر عن مشكلة كبيرة ستواجهنا في المستقبل حتى لو تمكنا من مواجهة هذه الأزمة. فالجواب الأوضح على سؤالك هو أنه لو لم يكن الشعب السوري ضد هؤلاء لتمكنوا من السيطرة على سورية منذ البداية. قوة هؤلاء هي في الحاضنة الشعبية وضعفهم في الحاضنة الشعبية.. لحسن الحظ أن الشعب السوري كان واعيا ولم يؤمن لهم الاحتضان الشعبي لذلك بقوا محصورين في مناطق محددة من سورية.
الإرهابيون الموجودون على الحدود السورية وجزء منهم موجود على الحدود التركية سيؤثرون في المستقبل القريب على تركيا وستدفع تركيا الثمن غاليا
السؤال التاسع: السيد الرئيس.. المنظمات الإرهابية كالقاعدة وجبهة النصرة انتشرت على الحدود التركية.. هل ستشكل هذه المجموعات الإرهابية كثيرة العدد التي تقدر بعشرات الآلاف خطرا في المرحلة القادمة على الحدود التركية بقدر الخطر الذي تشكله على سورية...
الرئيس الأسد..
المعروف بأن هذه الإيديولوجيا المتطرفة لا تعترف أساسا بالأوطان.. ولا تعترف بالشعوب.. تعترف فقط بمعتنقي هذه العقيدة.. فإذا كان معتنق هذه العقيدة هو في أقصى شرق آسيا فهو بالنسبة له أخ.. أما أي شخص آخر في هذه المنطقة لا يعتنق هذه العقيدة يجب أن يقتل. فهم لا يفرقون بين سورية وتركيا.. بالنسبة لهم هم موجودون في منطقة لا بد أن تتوسع فيها هذه العقيدة ويبنوا فيها هذه الدولة الإسلامية المتطرفة لكي يحققوا كما يعتقدون الشيء الذي يرضي الله سبحانه وتعالى. لكن للمصادفة منذ يومين تقريبا بدأ تداول معلومة جديدة في الإعلام حول تهديد بعض المنظمات الإرهابية الموجودة في شمال سورية ببدء الجهاد في تركيا من أجل تنظيف تركيا من الكفار كما قالوا.. هذا الموضوع متداول الآن في وسائل الإعلام. فلا شك بأن هذا الفكر إذا نظرنا إليه كنار تحرق المجتمع.. فلا بد لهذه النار أن تمتد. لا يمكن أن تكون سورية مشتعلة وتركيا باردة ومرتاحة.. هذا الكلام مستحيل. وأنتم بدأتم تشعرون الآن في تركيا بتداعيات الأزمة السورية عليكم.. نفس الشيء بالنسبة للعراق.. للبنان.. الأردن.. كل الدول المجاورة. فهذا الموضوع ليس بحاجة للكثير من التفكير بأن هؤلاء الإرهابيين الموجودين على الحدود السورية وجزء منهم موجود على الحدود التركية ويقدم لهم الدعم الناري في معاركهم في الشمال السوري ويقومون بالمناورة عبر الحدود التركية لكي يدخلوا من مكان آخر ويضربوا السوريين الذين يحاربونهم سواء كانوا من الجيش أو المدنيين.. سيؤثرون في المستقبل القريب على تركيا وستدفع تركيا الثمن غاليا. الإرهاب لا يمكن أن تضعه ورقة في جيبك.. هو كالعقرب عندما تضعه في أول فرصة سوف يلدغك.
اليوم عمليا الجزء الأكبر من الأزمة السورية هو خارجي
السؤال العاشر: نعلم أنكم اتخذتم خطوات ديمقراطية مهمة.. ولكن إذا نظرنا إلى الخلف وإلى كل ما جرى هل تشعرون بالندم لأنكم لم تنتقلوا من قبل إلى نظام التعددية الحزبية ولم تجروا انتخابات ولم تجروا إصلاحات بالمعنى الديمقراطي.. أو هل تجرون لأنفسكم نقدا ذاتيا... ألا تتساءلون لماذا لم أفعل هذا...
الرئيس الأسد..
نحن منذ الأيام الأولى للأزمة.. بنيت سياستنا على عدة محاور.. أولا.. إذا كان هناك من يطالب بالإصلاح بطريقة معينة حتى لو لم ترضينا هذه الطريقة بتفاصيلها.. مع ذلك قررنا أن نسير بها.. لأننا نعلم بأن من طالب بالإصلاح في ذلك الوقت كان يستخدمه مجرد ذريعة من أجل خلق الفوضى. مع ذلك سرنا بعملية الإصلاح بحسب ما اتفقت عليه التيارات المختلفة في سورية. والأهم من ذلك أن الإصلاح تم تشريعه من خلال الدستور.. والدستور صوت عليه الشعب السوري. فالقضية ليست قضية حكومة أو رئيس.. وإنما قضية وطنية. ثانيا.. بالنسبة للإرهاب.. واجب الدولة في الدستور أن تحمي الشعب وتكافح الإرهاب.. أن تمنع الإرهاب عن الشعب. فمنذ البداية أخذنا قرارا بأن ندافع عن الشعب السوري وأن نحارب الإرهاب.. من يستطيع أن يقول إن هذا القرار خطأ... فإذا السياسات بالنسبة لنا في سورية كانت واضحة.. ولكن طبعا بالتفاصيل.. أي تفاصيل دائما تحصل أخطاء.. هذا شيء طبيعي.. لكن كيف نقيم الأخطاء... لا يمكن أن نقيم الأخطاء من دون النتائج.. ولا نستطيع أن نقيم النتائج بشكل موضوعي قبل أن تنتهي الأزمة. ليس واضحا الآن إلى أين تسير الأمور.. وخاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار بأن الجزء الأكبر مما يحصل في سورية هو خارجي.. وليس العكس. هناك عوامل داخلية.. وخاصة في بداية الأزمة.. أما اليوم عمليا الجزء الأكبر من الأزمة السورية هو خارجي. فكيف تقيمين أخطاء داخلية بناء على عوامل خارجية... هذا الكلام غير موضوعي. لذلك نستطيع أن نعطي تقييما دقيقا لهذا الموضوع بعد أن نتجاوز هذه الأزمة بإذن الله.
السؤال الحادي عشر: والآن.. السيد الرئيس.. منذ أربعين عاما وحزب البعث يحكم في هذا البلد.. ويدير الحياة السياسية والاجتماعية للشعب حسب وجهة نظره الخاصة.. إذا ما فكرنا بالتطورات الأخيرة هل تعتقدون بأن حزب البعث لم يواكب تطورات العصر وبقي بعيدا عن تطلعات الشعب.. كما بقي ضمن قوالب بيروقراطية ضيقة. وإذا قلنا لبعض الديناميكيات الداخلية دور في التطورات الأخيرة فما هو تفسيركم لتطورات الأمور...
الرئيس الأسد..
طبعا.. أي دولة بحاجة إلى تطوير.. وأي حزب بحاجة إلى تطوير.. وعندما يحكم حزب دولة لفترة طويلة فهو بحاجة لتطوير أكثر من أحزاب أخرى.. لأن تطوير الحزب ينعكس على تطوير الدولة. هذا الشيء طرحناه في عام 2005 في مؤتمر الحزب ووضعنا خطة واضحة للتطوير.. وخاصة في المجال السياسي في سورية. والتطوير هو عملية معقدة. أنتم في تركيا بدأتم بالانفتاح.. أول الأحزاب أعتقد كان في عام 1950 أي منذ أكثر من ستين عاما. وبحسب ما أعتقد وبحسب ما ربما نتفق عليه قلنا إن الديمقراطية في تركيا بحاجة إلى أن تسير خطوات إلى الأمام.. فإذا أنت تتحدثين الآن تقريبا عن ثلاثة أجيال على الأقل. نحن في سورية بدأنا هذا التطوير منذ أقل من عقد من الزمن.. فلا بد من إعطاء زمن للتطوير السياسي.. وخاصة أن التطوير ليس مجرد قوانين وليس مجرد دستور.. إنما هو عملية اجتماعية تعتمد على كل مواطن في سورية.. وخاصة في المجتمعات المتنوعة كسورية وتركيا التي تحوي العديد من الأديان والطوائف والأعراق. هي عملية معقدة تعتمد على قبول الأشخاص بعضهم لبعض. بنفس الوقت عندما كنا نسير بهذه العملية كانت هناك عوامل خارجية تؤثر على الإصلاح في سورية.. منذ بداية عملية الإصلاح في نهاية العام 2000 عندما بدأت الانتفاضة في فلسطين وبعدها حصلت أحداث الحادي عشر من أيلول وبدأت الحرب في أفغانستان ولاحقا في العراق.. وبدأ الاضطراب في لبنان.. وكان هناك عدوان إسرائيلي على لبنان في العام 2006 وعدوان على غزة.. بمعنى أن الأحداث المتلاحقة كانت تضع سورية دائما تحت الضغط الخارجي. بنفس الوقت كان هناك هجوم الأيديولوجيا التكفيرية.. وخاصة من قبل القاعدة عبر الحدود إلى داخل سورية..
وهي تعاكس تماما مبدأ الديمقراطية. هي أيديولوجيا مغلقة تؤمن بشكل واحد.. بلون واحد.. لا تقبل بالآخر. فإذا أنت تسيرين إلى الأمام بالمحصلة بعملية الإصلاح.. ولكن هناك قوى كبيرة داخلية وخارجية تسير بالعكس. فليس من السهل أن تتم هذه العملية. فإذن أن نقول هناك مسؤولية.. طبعا أي تأخير في الإصلاح تتحمل مسؤوليته الدولة.. ولكن سرعة الإصلاح يتحمل مسؤوليتها كل الوطن.. الشعب.. الدولة ومؤسساتها.
السؤال الثاني عشر: السيد الرئيس.. في وقت من الأوقات كان لديكم علاقات جيدة مع حكومة حزب العدالة والتنمية ومع أوساطها.. حتى أن أردوغان كان يناديك بأخي بشار الأسد. والآن سواء كان أردوغان أو داوود أوغلو يرددان قائلين.. في كل لقاء وفي كل حديث كنا نتحدث مع الأسد عن ضرورة إجراء إصلاحات ديمقراطية.. قلنا له كثيرا ولكنه لم يفعل.. بالضبط ما الذي طلباه منكم... ما الذي كان يجري في لقاءاتكم...
الرئيس الأسد..
طبعا قبل الأزمة لم يتحدث أردوغان ولا مرة في موضوع الإصلاح ولا في الديمقراطية.. ولم تكن تعنيه على الإطلاق.. كان لديه هدف وحيد.. وهذا الهدف يتفوق على أهمية العلاقات السورية التركية الشعبية بالنسبة له.. وهو عودة الإخوان المسلمين إلى سورية. هذا كان أول هدف بالنسبة لأردوغان من خلال علاقته مع سورية.. كان يسعى بشكل مستمر مرة للمصالحة معهم /أي سورية والإخوان/.. ومرة إعادة البعض منهم إلى سورية.. لم يكن يرى أي شيء آخر. عندما بدأت الأحداث.. أراد أن يستثمر نفس الموضوع.. لكن تحت عنوان الإصلاح.. وعندما يتحدث مثلا عن المساجين الذين أخرجوا في بداية الأزمة كان هم أردوغان كم من الإخوان المسلمين أفرج عنهم.. ولا يعنيه العدد الآخر. هذا هو عقل أردوغان.. عقل مغلق.. عقل ضيق.. عقل متعصب.. عقل لا يعرف الصدق.. لذلك كل ما قاله هو وأوغلو عبارة عن أكاذيب.. هذا أولا. ثانيا.. هم حاولوا إظهار أنهم أتوا إلى سورية ونحن قدمنا لهم وعودا حول الإصلاح.. بصفتهم ماذا... هل هو السلطان وأنا الوالي... تركيا دولة مستقلة.. ونحن دولة مستقلة. هو سأل عما نقوم به في بداية الأزمة.. عن رؤيتنا أو عن الخطة السياسية المقبلة.. ونحن كنا نشرح.. لكن لم يتحدثوا بالديمقراطية ولم نقدم لهم وعودا ولا تعهدات ولا علاقة لهم بما يحصل في سورية سوى أنهم يدعمون الإرهاب.. ومنذ بداية الأزمة فقدنا الثقة بيننا وبينهم.. وكان واضحا من خلال أكاذيبهم أنهم غير صادقين فيما يقولونه تجاه سورية أو الشعب السوري.. هذه حقيقة ما حصل.
السؤال الثالث عشر: داوود أوغلو نفس الشيء... نفس الكلام.. نفس الخطاب.. هل هناك تشابه بينه وبين أردوغان...
الرئيس الأسد..
لا فرق.. كلاهما واحد.. نفس الأكاذيب.. الأول يكذب كذبة والثاني يكمل بكذبة أخرى.. وهكذا يتبادلان الأدوار ولكنه نفس الدور تماما.
المروحية أسقطت فوق الأجواء السورية وأردوغان أراد استغلال هذه الحادثة لكي يوحي للشعب التركي بأن سورية وتركيا أعداء
السؤال الرابع عشر: منذ فترة قصيرة تم إسقاط مروحية سورية على الحدود.. كان موضوعا مثيرا للجدل.. حتى أننا كتبنا وقلنا إن الطائرات التركية لم تسقطها بل أسقطها صاروخ من الأرض. والقوات المسلحة التركية لم تنف ادعاءاتنا كصحفيين. ما هو أصل هذا الموضوع... ما هي حقيقة هذا الموضوع السيد الرئيس...
الرئيس الأسد..
هذه المروحية هي مروحية استطلاعية تحركت باتجاه الحدود التركية من مناطق دخول الإرهابيين بعد أن وصلت معلومات بمجيء مجموعات كبيرة من الإرهابيين.. فكان لا بد من استطلاع المنطقة بالحوامة من أجل أن تقوم القوات المسلحة بالتعامل مع أولئك الإرهابيين. ما حصل.. وأعلنا ذلك بكل وضوح.. أن هذه الحوامة دخلت الأجواء التركية لمسافة تقدر بنحو 1 كم أو أقل.. وعندما اتصل بها برج المراقبة من سورية قام قائد الحوامة بالاستدارة والعودة إلى داخل الأجواء السورية.. وفوجئنا بأن إسقاط الحوامة تم بعد أن عادت إلى الأجواء السورية.. أسقطت فوق الأجواء السورية.. والدليل أن الإرهابيين داخل سورية هم من قام بالقبض على الطيارين وذبحهم بشكل وحشي. إذا هي أسقطت داخل الأجواء السورية ولكن نحن لم نفعل كما فعل أردوغان عندما تم إسقاط الطائرة التركية في سورية.. عندما كذب وقال إنها لم تدخل الأجواء السورية. نحن كنا شفافين.. قلنا نعم الطائرة دخلت الأجواء التركية ولكن كان من الممكن أن يرسل لها إنذار.. وإذا عادت الطائرة ينتهي الموضوع. الإسقاط هو دليل على أن أردوغان يسعى منذ البداية لاستغلال هذه الحادثة وأيضا حادثة الطائرة التركية لكي يوحي للشعب التركي بأن سورية وتركيا أعداء. يريد أن يظهر وحشا أمام الشعب التركي كي يخاف.. وبالتالي يتوحد الشعب التركي خلف سياسة أردوغان ضد سورية.. هذا ما فشل به في المشهد الأول وفشل هذه المرة أيضا. هذه هي قصة الطائرة.
السؤال الخامس عشر: هل ضربت من الجو أم من الأرض...
الرئيس الأسد..
أسقطت من الجو.. من قبل الطائرات التركية.
نتمنى في كل يوم أن يعود كل سوري خارج الحدود إلى سورية
السؤال السادس عشر: خلال فترة الحرب عبر مئات الآلاف من السوريين الحدود ولجؤوا إلى الأراضي التركية. والآن يوجد على الجغرافيا التركية العديد من مخيمات اللاجئين السوريين.. وهناك من يعيش في هذه المخيمات وهناك من يعيش خارجها. هل لديكم خطط من أجل إعادة هؤلاء اللاجئين إلى بلدهم.. إلى سورية...
الرئيس الأسد..
نحن دعونا في أكثر من مناسبة هؤلاء للعودة إلى سورية.. وكانت هناك استجابة في بعض الحالات للاجئين في لبنان.. في الأردن والبعض منهم في تركيا.. ولكن بنفس الوقت هناك محاولة إرهاب لهؤلاء اللاجئين من قبل بعض الدول التي تستضيفهم وخاصة الدولة التركية من أجل استخدامهم كورقة إنسانية ضد الحكومة السورية. فإذا عاد هؤلاء إلى سورية.. عماذا يتحدث أردوغان... لم يعد لديه أي ورقة يتحدث بها على الساحة الدولية أو يحرض من خلالها الأمم المتحدة أو الدول الكبرى. فإذن هناك جانب متعلق بهذه الدول. هناك جانب آخر يتمثل في أن جزءا كبيرا من هؤلاء اللاجئين خرج أيضا بسبب الإرهاب.. هناك لاجئون لجؤوا داخل سورية وهناك من لجأ خارج سورية بسبب الأعمال الإرهابية.. فلا بد لإعادتهم من القضاء على الإرهابيين في مدنهم وقراهم لكي يكونوا قادرين على العودة إلى منازلهم والعيش فيها. فبكل تأكيد نحن نتمنى في كل يوم أن يعود كل سوري خارج الحدود إلى سورية.
السؤال السابع عشر: نعم.. هل من الممكن أن تعود العلاقات مع تركيا إلى سابق عهدها... هل ستعود مع حزب العدالة والتنمية أم من دونه... ما هي الشروط والأرضية التي تحتاجها العلاقات السورية التركية حتى تعود إلى وضعها الطبيعي...
الرئيس الأسد..
علينا أن نكون دقيقين بالنسبة للعلاقة السورية التركية.. فهي لم تبدأ مع حزب العدالة وإنما بدأت مع الرئيس سيزر.. هو من أقلع بهذه العلاقة. وحتى خلال وجود حزب العدالة والتنمية كنا دائما نحاول أن نوسع هذه العلاقة على المستويات المختلفة.. فلا يستطيع حزب العدالة والتنمية أن يختصر كل تركيا.. هذا شيء منطقي.. العلاقة هي علاقة شعبية.. لذلك كنا دائما نحاول خلال تلك الفترة أن تكون هناك علاقة اقتصادية.. علاقة عبر الحدود.. بعيدة عن تأثير الدولة.. فلا أحد يعرف متى يذهب حزب في سورية أو في تركيا ويأتي حزب آخر وتتغير السياسة.. وهذا ما حصل.. فإذن يجب أن نقول إن ما قمنا به كان تاريخيا بالنسبة لإعادة العلاقة على المستوى الشعبي.. وما يحصل الآن هو غيمة تمر بين سورية وتركيا. بالنسبة لحزب العدالة والتنمية.. أعتقد أنه لم يتمكن من إبعاد الشعب التركي عن الشعب السوري في هذه المرحلة.. أي أن يكون هناك وعي عند الشعب التركي تجاه ما يحصل في سورية باعتقادي سيجعل العلاقة السورية التركية بعد الأزمة أقوى مما كانت عليه قبل الأزمة.. لأن هذه الأزمة التي نعيشها في سورية.. هي تجربة تاريخية ستذكرها الأجيال للمستقبل وسيقول المواطن السوري بعد عدة أجيال إنه خلال هذه الأزمة كان المواطن التركي يقف معي.. لذلك من الضروري جدا اليوم أن نفرق بين المواطن وبين المسؤول.. وخاصة أردوغان وأوغلو ومن معهما لكي لا تدفع هذه العلاقة ثمن أخطاء هؤلاء المسؤولين. لذلك أستطيع أن أعطيك جوابا.. أقول نعم.. يمكن لهذه العلاقة أن تعود ليس فقط كما كانت بل أفضل. أما وجود حزب العدالة والتنمية أو عدم وجوده.. فهذا يعتمد على رأي الشعب التركي.. لأننا نحترم خيارات الشعب التركي ولا نتدخل فيها.. ما يهمنا هو الدولة التي تعمل لمصلحة الشعبين.. من يكون فيها لا يعنينا.. ولذلك تعاملنا مع هذه الحكومة.. ونحن نفترض بأنها حكومة اخوان مسلمين.. وتجربتنا مع الاخوان المسلمين في سورية تجربة سيئة جدا.. منذ الخمسينيات حتى بداية الثمانينيات.. سقط خلالها الآلاف من السوريين بسبب عقيدتهم /الإخوان المسلمين/ التخريبية الانتهازية.. وهذه الحكومة برئيسها تمثل نفس النهج.. فلم نكن مخدوعين بهذا الجانب.. لكن كنا نقول إنه طالما أنها خيار الشعب التركي فنحن نحترم هذا الخيار.
السؤال الثامن عشر: السيد الرئيس.. بعد الاشتباكات التي بدأت في سورية تمركز العديد من المجموعات الإرهابية السلفية على الحدود التركية وداخل تركيا. ومن المناطق التي انتشرت فيها المجموعات السلفية هناك مثلا أضنة ومرسين وهطاي.. وهي مناطق تقطنها أغلبية علوية. طبعا هناك قلق وتوتر في هذه المناطق. هل يمكننا القول بأن طبيعة هذه الحرب طبيعة مذهبية... وهل هناك من قلق من احتمالات أن تشمل المنطقة...
الرئيس الأسد..
في سورية بدأت الأمور تتصاعد في بداية الأزمة من خلال الطروحات الطائفية.. على اعتبار أن هذه الطروحات هي التي يمكن أن تفتت أي مجتمع.. وتخلق صراعا بين الطوائف المختلفة.. الحقيقة فشلت.. لأن طبيعة تركيب الشعب السوري وتاريخه ليس تاريخا طائفيا.. فانتقلت نفس المجموعات التكفيرية لقتل كل الطوائف.. هي لم تعتمد على أقليات كما قيل في البداية.. وكما يطرح الآن لدى البعض في الإعلام سواء التركي أو الإقليمي.. العربي.. الغربي.. وإنما قتلوا من كل الطوائف.. لذلك أنا لا أعتقد أن القضية هي قضية طوائف.. وخاصة عندما تكون الدولة واعية أيضا كالمجتمع.. وتتحدث دائما بالمنطق الوطني.. المشكلة لديكم في تركيا.. وأنتم بلد جار ونحن نتابع التفاصيل بشكل يومي تقريبا لأن ما يحصل في تركيا يؤثر علينا في سورية.. المشكلة لديكم بهذا الجانب قد لا ترتبط بالإرهابيين لأن الإرهابيين سيقتلون أي تركي.. لن يقتلوا من طائفة معينة.. المشكلة هي في الخطاب الطائفي الذي يتبناه رئيس الحكومة نفسه. أنا لم أسمع مسؤولا في العالم يتحدث بهذا المنطق الطائفي حتى ولو كان يحمله.. أي مسؤول يتحدث بالمنطق الوطني.. أول مرة أرى مسؤولا يخاطب الناس ويميزها بحسب الطوائف والمعتقدات.. هذا هو الخطر الحقيقي الآن على تركيا. صحيح أن أردوغان يدعم هذه المجموعات المتطرفة بسورية.. وبالتالي ستؤدي إلى الضرر المباشر وغير المباشر على تركيا.. ولكن خطر أردوغان بنفسه.. بخطابه.. قد يكون أشد من خطر هذه المجموعات الإرهابية.. هذا الشيء الذي أقلقنا بالنسبة لهذا الموضوع الذي تسأل عنه في تركيا.. هو خطاب رئيس الحكومة.
إيران دولة مهمة في المنطقة سواء بالنسبة للموضوع السوري أو لأي موضوع آخر أو لاستقرار المنطقة بشكل عام
السؤال التاسع عشر: السيد الرئيس.. الرئيس الإيراني روحاني ذهب إلى الولايات المتحدة الأمريكية وتحدث مع أوباما. هل سيكون لفتح باب الحوار فائدة فيما يتعلق بالحل في سورية... أقصد هل ستكون هناك فائدة لسورية من الحوار بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية...
الرئيس الأسد..
نعم وبشكل إيجابي.. لكن بشرط وحيد وهو أن تكون الولايات المتحدة صادقة في هذا التقارب.. ولا أعتقد بأن أحدا في العالم اليوم بما فيه الدول الغربية.. بما فيه أقرب حلفاء أمريكا.. يستطيع أن يقول إن أمريكا صادقة في أي خطوة تقوم بها.. وأعتقد بأن الإيرانيين واعون لهذه النقطة بشكل جيد.. ولكن إذا كان هناك فعلا شيء من التقارب مع ايران.. وايران دولة مهمة في المنطقة سواء بالنسبة للموضوع السوري أو لأي موضوع آخر أو لاستقرار المنطقة بشكل عام.. فهذا سينعكس بشكل أو بآخر إيجابا على سورية.. ولذلك نحن ننظر لهذا التقارب بإيجابية.. ولكن بالكثير من الشك تجاه نوايا الولايات المتحدة.. وخاصة ما يتعلق باحترامها لسيادة الدول التي تتعامل معها. المشكلة أن الولايات المتحدة اعتادت على التعامل مع وكلاء لها يأخذون أوامر وينفذون من دون نقاش.. حتى ولو كان هذا الأمر مناقضا لمصالح الشعب في تلك الدول. إيران ليست من هذه الدول.. فكيف ستكون هذه العلاقة... أنا أشك بأن الولايات المتحدة ستقبل بدولة تعتز بحضارتها وتاريخها ومنجزاتها وتحترم نفسها كالدولة الايرانية.
الشعب التركي هو شعب شقيق.. المهم كيف نحمي العلاقة السورية التركية على المستوى الشعبي من انعكاسات ما قام به أردوغان تجاه سورية
السؤال العشرون: لقد عبرتم عن شكوككم حيال الموقف الأمريكي فيما يتعلق بالحوار الإيراني الأمريكي.. أعتقد بأنه يجب علينا هنا أن نطرح سؤالا آخر.. كانت هناك علاقة مميزة بين سورية وتركيا.. هل نستطيع القول بأن التقارب التركي السوري وموقفكم السابق من العلاقة مع أردوغان وما حدث فيما بعد من سياسات أردوغان العدوانية ضد سورية.. هل هناك خيبة أمل بالنسبة لموقفكم تجاه أردوغان.. هل يمكنكم أن تقولوا لنا إنكم نادمون من العلاقة مع أردوغان...
الرئيس الأسد..
لا.. لم يكن مفاجئا تماما ما قام به أردوغان تجاه سورية.. كما قلت.. لأن الخلفية الفكرية لأردوغان هي خلفية الإخوان المسلمين.. وتاريخ الإخوان المسلمين هو تاريخ انتهازي.. هذا من جانب. من جانب آخر لم تكن حقيقة أردوغان خافية تماما عنا.. في أكثر من مرحلة وفي أكثر من مفصل اتضحت الانتهازية.. ولكن بالمحصلة نحن نتعامل معه كرئيس حكومة لدولة كبيرة وجارة.. لدولة تهمنا. لا شك بأن هناك جوانب لم تكن واضحة.. أو بمعنى أننا لم نكن نتوقع أن هذه الانتهازية ستصل لهذا المستوى من اللاإنسانية.. من النفاق.. من الانغلاق.. نعرف شيئا منها ولكن لا نعرفها كلها.. هذا شيء مفاجئ.. ولكن من الطبيعي عندما تتعاملين مع فكر الإخوان المسلمين فهذه هي النتيجة الطبيعية.. لأننا نتحدث عن تجربة عمرها منذ منتصف الخمسينيات.. أي نحو ستة عقود.. فتجربتنا مع الإخوان لا تعود فقط إلى الثمانينيات أو السبعينيات.. بل عمرها منذ الخمسينيات.. لذلك هذا ليس مفاجئا على الإطلاق.. طبعا موضوع العلاقة الشخصية لا قيمة له.. يذهب شخص ويأتي شخص.. المهم كيف نحمي العلاقة السورية التركية على المستوى الشعبي من انعكاسات ما قام به أردوغان تجاه سورية.. فالشعب التركي هو شعب شقيق. من المهم جدا أن نعمل على هذا الموضوع بشكل مستمر.. عدا عن ذلك لا يوجد أي نوع من الإحباط أو الندم.
السؤال الحادي والعشرون.. حسنا.. أنتم رئيسا للجمهورية.. وتقولون إنه لم يكن مفاجئا.. ولم تفاجئ لأنها حكومة قريبة من الأخوان المسلمين.. وبالتالي لم تفاجئ كثيرا. ولكننا رأينا أنكم أظهرتم صميمية تجاوزت العلاقات الثنائية وتجاوزت العلاقة بين حزب العدالة والتنمية وبين الحكومة السورية.. فقد ذهبتم رحلات عائلية مع بعضكم.. كنتم قريبين جدا.. وكما قلت سابقا كان يناديكم بعبارة أخي بشار الأسد. فما النقاط المشتركة بينكم وبين أردوغان... في الحقيقة لدينا ولدى الشعب التركي فضول لمعرفة ذلك. أضف إلى ذلك أن انهيار هذه الصداقة فجأة ولد في العقول الكثير من إشارات الاستفهام.. لقد استمرت هذه العلاقات معه وهو المعروف بعلاقاته مع الاخوان المسلمين.. وأنتم تعرفون مواقفه حيال هذا الموضوع.
الرئيس الأسد..
هذا صحيح.. أنا في السؤال السابق تحدثت عن الجانب الرسمي.. كيف ننظر للعلاقة من الجانب الرسمي وأعطيت أهمية أقل للجانب الشخصي.. لكن عمليا نحن شعوب شرقية ونتأثر بالعلاقة الشخصية ونحاول على المستوى الرسمي أن نستغل العلاقة الشخصية من أجل خدمة مصالح الدولتين.. هذا ما كان مفترضا من العلاقة الشخصية بيني وبين أردوغان.. لكن سؤالك يطرح الجانب الانساني.. الجانب الأخلاقي.. كيف يتحول شخص من أخ الى عدو... كيف يتحول من شخص يتحدث عن أخوته للشعب السوري واصطدم مع اسرائيل ظاهريا من أجل الشعب الفلسطيني.. إلى شخص يقوم بدعم الإرهابيين الذين قتلوا عشرات الآلاف من السوريين. هذا يدل على المستوى الشخصي بأنه شخص غير سوي.. ولكن أهم نقطة يجب أن يعرفها ..وأعتقد أن الشعب التركي الآن يعرفها.. لا أستطيع أن أقول يجب.. ولكن ربما يجب أن يعرفها الآخرون.. بأن البنية الشخصية لأردوغان أنه شخص متعصب جدا.. هذه هي الأمور بكل شفافية بما أنك تسألين عن الجانب الشخصي. أنا عادة لا أعطي أهمية لهذا الجانب.. ولكن إذا كان الجانب التركي مهتم بمعرفته.. فهذا يدل على شخص غير سوي.. ويدل على شخص ليس لديه الحد الأدنى من الأخلاق.. حتى لو كان لديه الحد الأدنى من الأخلاق واختلف سياسيا مع شخص آخر يمكن أن يبتعد عنه.. يمكن أن يترك الصراع على المستوى الشخصي.. لكن ما ذنب الشعب السوري... فأعتقد بأن لديه مزيجا بين المشكلة الشخصية والعقيدة التي ينتمي إليها من الناحية الحزبية وهي عقيدة الإخوان المسلمين.
الأكراد في سورية هم ككل المواطنين السوريين يدافعون عن أنفسهم.. وأخذوا موقفا حاسما منذ البداية بوقوفهم مع الوطن ومع الدولة في وجه الإرهابيين
السؤال الثاني والعشرون: السيد الرئيس.. هناك موضوع الأكراد تتم متابعته باهتمام في تركيا.. لأن الدولة التركية لديها مشكلة في هذا الموضوع. ما وضع حزب الاتحاد الوطني الكردستاني في شرق سورية... ما وضعه وما رأيه حول الاشتباكات التي تحصل... هل حارب ضد الدولة... هل كل الأكراد شاركوا في الحرب أم قسم منه فقط... هل يدعمون القاعدة أم يدعمون الدولة السورية... هل يمكنكم إعطاؤنا معلومات حول هذا الموضوع...
الرئيس الأسد..
نتيجة الهجوم المكثف على سورية من قبل الإرهابيين والمدعوم من قبل دول مجاورة ودول عربية ودول كبرى في الغرب.. كان لا بد من أن تكون هناك حرب على المستوى الشعبي.. أي انه لم يكن كافيا أن يقوم الجيش والأمن والشرطة فقط بالدفاع عن سورية.. وخاصة في المناطق البعيدة التي ربما لا توجد فيها قوات مسلحة.. هنا قامت عدة مجموعات من المواطنين السوريين بتأسيس مجموعات مسلحة للدفاع عن المدن والقرى والأحياء التي يعيشون فيها. بالنسبة للأكراد في سورية.. هم كانوا ككل المواطنين السوريين يدافعون عن أنفسهم.. وخاصة أنهم أخذوا موقفا حاسما منذ البداية بوقوفهم مع الوطن ومع الدولة في وجه الإرهابيين.. فأعتقد بأن معظم الأكراد في تلك المناطق يقومون بهذا الواجب الوطني.. لذلك من الصعب أن نربط ما يحصل بحزب فقط.. هو أكثر من قضية حزب.. يعني لم تكن كما كانت في السابق.. يقولون حزب العمال الكردستاني أو أي حزب آخر.. هناك حالة شعبية الآن لدى الأكراد.. كما هي موجودة لدى شرائح أخرى من المجتمع السوري تقوم بنفس العمل. هذا لا يعني أن سورية تريد أن تعود بالعجلة إلى الخلف لكي ترى أبرياء من الأتراك يسقطون بسبب الصراع الكردي مع الجيش التركي.
ولكن الآن في مواجهة هؤلاء الارهابيين نحن ندعم أي شريحة.. أي مجموعة تقوم بالدفاع عن الوطن بما فيها الأكراد بكل أحزابهم وبكل شرائحهم.
السؤال الثالث والعشرون: حسنا.. السيد الرئيس.. مهما كان الحل في سورية ماذا سيكون وضع الأكراد السوريين... وفي الوقت ذاته تحدثنا عن الحرب. هل أعطي الأكراد وعدا بتأسيس حكم ذاتي أو فيدرالي مقابل قتالهم إلى جانب الجيش السوري ضد القاعدة.. وبشكل عام ما أفكاركم المتعلقة بالمسألة الكردية...
الرئيس الأسد..
لا شك في أنه كان هناك نوع من الشكوك بين بعض السوريين وبعض الأكراد على خلفية ما حصل من اضطرابات في شمال شرق سورية عام 2004 لكن أعتقد بأن هذه الأزمة ثبتت وطنية الأكراد في سورية. هذا يعني أنه في أي نظام سياسي مستقبلي لا بد أن نلحظ هذه المرحلة.. كيف... لا يجوز أن يكون هذا هو رأي رئيس أو حكومة.. لا بد أن تكون هناك قوى سورية تجتمع حول الطاولة وتحدد ما هو النظام السياسي المقبل في سورية. فما يطرح عن موضوع فيدرالية أو كونفيدرالية أو نظام رئاسي أو برلماني أو أي نظام آخر.. لا بد أن يكون جزءا من الدستور المصوت عليه من قبل الشعب السوري. هذه المواضيع غير مطروحة الآن في سورية.. مطروحة فقط في الإعلام.. فالكل الآن منشغل في القتال دفاعا عن الوطن. عندما لا نستطيع أن نقضي على الإرهابيين فلا قيمة لكل هذا الكلام. هناك إجماع في سورية لدى مختلف التيارات السياسية والشعبية والعرقية والدينية وغيرها حول هذا الموضوع. بعدها نستطيع أن ندخل في تفاصيل هذا الموضوع. ولكن كله يجب أن يكون مربوطا بالرؤية العامة للشعب السوري.. لا أستطيع الآن ببضع كلمات أن أقول لك هذا ما يراه الشعب السوري.. لأننا لم نتحدث بعد في هذا الموضوع. ولكن أعتقد بأن سورية إذا تجاوزت الأزمة.. فهي مقبلة على وحدة وطنية أفضل مما كان موجودا سابقا نتيجة الظروف التي مرت بها خلال الأزمة والتي ثبتت وطنية الأكراد.
السؤال الرابع والعشرون: السيد الرئيس.. يتم الحديث كثيرا عن حزب الله.. عن وجوده في سورية.. وعن مشاركته في الاشتباكات... ما نسبة وجود حزب الله في الاشتباكات الدائرة في سورية... ما مدى فعاليته... ما حجم الدعم العسكري الذي يقدمه حزب الله لسورية وكيف هو وجوده على الأرض السورية...
الرئيس الأسد..
لنفترض بأن كل حزب الله يريد أن يأتي إلى سورية.. ما حجم حزب الله بالنسبة للبنان... وما حجم لبنان بالنسبة لسورية... لأعطيك نسبة.. محافظة حمص /المجاورة للبنان/ تعادل مساحتها ضعفي مساحة لبنان. فهل من المنطقي أن يكون حزب الله قادرا على التواجد في سورية... هذا الكلام مستحيل.. حتى لو هو أراد وحتى لو أردنا. هو تواجد على الحدود اللبنانية من جهة حمص عندما قام الإرهابيون بالاعتداء عليه داخل الأراضي اللبنانية لأنهم اعتبروا أن هذا الحزب يقف مع سورية أو أن لديه أتباعا في المنطقة يقفون مع سورية فقاموا بالاعتداء على هؤلاء وقاموا بإطلاق الصواريخ عليهم وبالاغتيالات وبالتفجيرات. واستمرت هذه الحالة لأكثر من عام.. فكان لا بد لحزب الله من أن يقوم بالرد على هؤلاء. وكان هناك تعاون بين سورية وحزب الله من أجل إنهاء حالة الإرهابيين في تلك المنطقة.. وتمكنا من هذا الموضوع بنجاح. أما العلاقة العسكرية بيننا وبين الحزب.. أو أحيانا يطرح الموضوع مع إيران.. فهي علاقة قديمة.. لا يوجد شيء جديد. هم دائما يأتون إلينا ونذهب إليهم ونتعاون ونتبادل الخبرات.. هذا طبيعي لأن العدو بالنسبة لنا واحد هو إسرائيل.. هي تحتل أراضي سورية وهي تعتدي على لبنان في نفس الوقت. فمن الطبيعي أن يكون هناك تعاون. لكن هذه هي حقيقة وجود حزب الله. نعم.. كان هناك تواجد ولكن في منطقة محددة قريبة من الحدود لكي يتمكن من حماية نفسه.. ونحن أيضا نتمكن على الجانب الآخر من حماية المواطنين السوريين.
السؤال الخامس والعشرون: السيد الرئيس.. كم هو عدد المعتقلين اليوم من سياسيين ونواب وأكاديميين وصحفيين وطلاب في السجون السورية.. وكم حكم بالإعدام وقعتم عليه... هل أنت ديكتاتور...
الرئيس الأسد..
بما أنك تعيشين في تركيا.. إذا أردنا أن نقارن أنفسنا الآن بتركيا أردوغان.. فلا نستطيع أن نقارن. كما تعرفين الآن بحسب أحد التقييمات لإحدى المنظمات المعنية بحرية الصحافة.. تركيا الآن هي السجن الأكبر في العالم للصحفيين. لا يوجد لدينا في سورية هذا الحال لا اليوم ولا في السابق. لا توجد لدينا حالات اغتيال لصحفيين ولا يوجد لدينا أي شخص حكم عليه بالإعدام لرأي سياسي.. حتى الإخوان المسلمين الذين يحكم عليهم بالإعدام في سورية بحسب قانون عام 1980 لأنهم قاموا بعمليات قتل لأبرياء في سورية.. مع ذلك لم ينفذ هذا القانون.. ولا بحالة واحدة على الإطلاق. أما قضية أن يكون هناك سجين سياسي من أجل الرأي.. نقول هناك الآن في سورية معارضة تهاجم الحكومة بشكل مستمر. لماذا لم نضع هذه المعارضة في السجن... فمن غير المعقول أن نضع أشخاصا ولا نضع أشخاصا آخرين. نحن لدينا في سورية قانون واضح.. من يدخل إلى السجن هو من يقوم بخرق هذا القانون. المعارضة موجودة بشكل معلن وتستطيعون أن تذهبوا إليها وتلتقوا معها.. وتستطيعون أن تأخذوا منها الآراء التي تريد أن تطرحها.
لا يمكن لمعارك أن تستمر سنتين ونصف السنة.. وأن يكون هناك من يقاتل من أجل منصب لشخص
السؤال السادس والعشرون: السيد الرئيس.. منذ ثلاث سنوات تقريبا والحرب مستمرة في سورية.. والشعب والجيش السوري يبديان مقاومة كبيرة ضد الهجمات والمؤامرات الدولية.. فما سبب ذلك... وهل نستطيع القول بأن حزب البعث نجح في مشروعه القومي الوطني العقائدي...
الرئيس الأسد..
هناك عدة أسباب.. أولا.. قبل الجيش هو الشعب نفسه.. لأن الجيش لا يمكن أن يكون موحدا.. إن لم يكن الشعب موحدا.. لا يمكن أن يكون الجيش عقائديا إن لم يكن الشعب لديه نفس العقيدة.. العقيدة الوطنية أو القومية. فأولا.. السبب هو وعي الشعب السوري.. وطنية الشعب السوري.. انفتاحه بكل المعاني الممكنة في أي مجتمع بالرغم من الظروف الصعبة التي تمر بها سورية منذ أكثر من جيل... ثانيا بالنسبة للجيش.. لا شك كان له الدور الأساسي في وحدة الأراضي السورية حتى الآن.. وصمود وتماسك الشعب السوري في وجه الهجمة الإرهابية القادمة من الخارج. هناك جانب آخر أن المعركة ليست كما صورت.. معركة من أجل الرئاسة.. أو من أجل المنصب.. لا يمكن لمعارك أن تستمر سنتين ونصف السنة.. وأن يكون هناك من يقاتل من أجل منصب لشخص.. أو من أجل مجموعة مصالح. في هذه الحالة يذهب شخص ويأتي شخص ولا توجد مشكلة. الكل فهم بأن الصراع الذي يتم وموقفي أنا كرئيس.. وموقف الدولة هو موقف الدفاع عن وحدة الأراضي السورية.. وخاصة أنه في البداية كان هناك تصور لتفكيك سورية إلى ثلاث أو أربع دويلات.. فكان هناك توحد لدى السوريين من أجل الدفاع عن وحدة الأراضي السورية. إذا هناك عدة أسباب.. لكن هذه هي الأسباب الرئيسية في هذا الموضوع.
السؤال السابع والعشرون: السيد الرئيس.. عاشت تركيا انتفاضة حزيران تحت اسم أحداث غيزي.. والحقيقة استمرت شهرين أو ثلاثة.. هل تابعتم تلك الأحداث... ما رأيكم بهذه الانتفاضة الشعبية...
الرئيس الأسد..
نعم.. تابعناها وبدقة.. وهي بالنسبة لنا كانت مؤشرا على رفض الشعب التركي لسياسات حكومته ورئيس الحكومة وعدم قبوله بالأكاذيب.. طبعا بجانب منها.. ما يتعلق بسورية. لا نستطيع أن نقول إن هذه الانتفاضة كانت متعلقة فقط بما يحصل في سورية أو بالسياسة الخارجية للحكومة.. ولا نستطيع أن نقول إنها كانت قضية داخلية فقط تتعلق بالحديقة أو بالمخطط التنظيمي لهذه الحديقة.. كان المزج بين الموضوعين واضحا جدا وكان مؤشرا لنا في سورية عن توجهات الشعب التركي التي تحدثنا عنها منذ قليل.
السؤال الثامن والعشرون: إذا انتهت هذه المشاكل.. ما شكل سورية التي سنراها.. ما هي سورية التي تحلمون بها... ما خططكم ومشاريعكم حول مستقبل سورية...
الرئيس الأسد..
على المستوى الشعبي.. أكثر وحدة وأكثر وعيا من قبل وأنا متفائل بهذه النقطة. ولكن على المستوى السياسي هناك وجهات نظر. السؤال ينطلق من فكرة ما هو النظام السياسي الأفضل لدولة مثل سورية بتركيبتها الاجتماعية أو لظروفها السياسية التي تعيشها وخاصة ما يتعلق منها بالصراع مع إسرائيل.. وبعدم عودة الأراضي بعد. فهناك تفاصيل كثيرة تحدد ما هو النظام السياسي الأفضل لسورية. عندما يكون لديك أراض محتلة والصراع عسكري.. فهذا يختلف عن مرحلة تعيش فيها بسلام.. فهناك أفكار كثيرة متداولة.. ولكن أعتقد أن الأفضل هو ما يناسب الشعب السوري.. ما يحقق إجماع الشعب السوري.. المهم أن يكون جوهر هذا النظام هو أوسع مشاركة للسوريين في بناء الدولة واتخاذ القرارات. هذا هو المبدأ الأساسي.
السؤال التاسع والعشرون: هل ستبقى رئيسا...
الرئيس الأسد..
إذا كان لدي شعور بأن الشعب السوري يريدني أن أكون رئيسا في المرحلة القادمة فسأترشح. إن كان الجواب لا فلن أترشح.. لا توجد مشكلة في هذا الموضوع.. ولكن نحن الآن في الشهر العاشر.. وأعتقد بأنه خلال ربما أربعة أشهر أو خمسة أشهر من الآن لا بد أن تكون هذه الصورة واضحة بالنسبة لي.. لكن اليوم وخاصة مع التغير السريع للظروف من الصعب إعطاء جواب دقيق حول هذه النقطة.. ولكن لن أتردد إذا كنت أرى الأمور تسير باتجاه الرغبة الشعبية.
السؤال الثلاثون: هل ماهر الأسد على قيد الحياة... قالوا في تركيا أكثر من مئة مرة إنه مات.. والشعب لديه فضول لمعرفة ذلك.
الرئيس الأسد..
كل الإشاعات التي صدرت عن عائلتنا خلال الأزمة عبارة عن أكاذيب كاملة لا يوجد لها أساس. نحن نقول هنا في سورية.. وربما يكون نفس المثل موجود في تركيا /لا يوجد دخان من دون نار/.. في هذه الحالة كان هناك دخان بلا نار. فهو موجود.. نعم.. وعلى رأس عمله وبصحة جيدة.
علينا أن نفكر في كل أزمة ما الشيء الإيجابي الذي نستطيع أن نستخرجه من هذه الأزمة
السؤال الحادي والثلاثون: حقيقة سورية تمر بأوقات صعبة.. هل تستطيعون النوم براحة... كيف هي علاقتكم مع أسرتكم... كيف تأثرت زوجتكم وأولادكم بهذا الموضوع... الشعب التركي يريد معرفة المزيد عن بشار الأسد ليس الرئيس فقط بل والإنسان...
الرئيس الأسد..
الأزمة في سورية كانت قاسية جدا.. وأثرت تقريبا على كل منزل.. إما أثرت على البناء وبالتالي على العائلة أو أثرت على أشخاص وفقدنا أشخاصا نحبهم في العائلات أو أقرباء أو جيرانا.. أو أثرت على الحالة المعيشية فزاد الفقر في سورية.. أو أثرت نفسيا.. عمليا لا يوجد بيت في سورية لم يتأثر بشكل أو بآخر. عمليا من الصعب أن تري اليوم فرحا في أي منزل.. الفرح ليس له مكان الآن في سورية.. حالة الحزن هي المسيطرة علينا جميعا. فهذا لا شك يؤثر على حياة أي عائلة.. هناك فرق كبير في أن تكون العائلة في ظروف فرح.. وأن تكون نفس العائلة في ظروف حزن. فنحن كعائلة تأثرنا ككل هذه العائلات. لا شك بأن الإرهاب اليومي.. إطلاق القذائف على الأحياء المدنية.. احتمال التفجيرات والاغتيالات أثرت أيضا على حركة الناس في سورية فقللت من هذا التواصل الاجتماعي.. أيضا تأثرنا. لكن هناك أشياء أساسية لا يجوز أن تتغير.. أو علينا أن نحاول ألا تتغير.. هي أولا العمل بالنسبة لأي عائلة سورية.. وثانيا علاقة العائلة نفسها.. ربما تدفع هذه الظروف العلاقة بين أعضاء هذه العائلة لتكون أقرب من قبل ويكون هناك حوار.. وقد تكون هذه الأحداث هي الدافع لكل أب وأم لكي يقوموا بالتركيز أكثر على العلاقة مع أبنائهم لحمايتهم من الأشياء الخاطئة التي كانت سببا في اندلاع الأزمة في سورية والتي فتحت الباب للعوامل الخارجية للدخول. أي شيء يوجد فيه سلبي وإيجابي.. علينا أن نفكر في كل أزمة ما الشيء الإيجابي الذي نستطيع أن نستخرجه من هذه الأزمة. هذا ما أفكر به.
السؤال الثاني والثلاثون: إذا لأطرح سؤالي الأخير.. جئنا من تركيا برسائل سلام.. ما رسائلكم للشعب التركي.. ما الذي تريدون قوله...
الرئيس الأسد..
أولا.. أنا أريد أن أحيي الشعب التركي عبر قناة خلق وصحيفة يورت وأعبر عن تقديري لهذا الوعي الكبير.. لأنه ليس مجرد موقف.. فهذا الموقف لو ذهب باتجاه آخر لغير تاريخ المنطقة.. عندما سمحنا للقوى العظمى منذ مئة عام أن تؤثر علينا كشعوب.. أوجدنا صراعا استمر أكثر من ثمانية عقود. الصراع ليس له معنى وليس له أساس.. ما قمنا به خلال الثلاثة عشر عاما الماضية منذ زيارة الرئيس سيزر إلى سورية حتى بداية الأزمة كان شيئا تاريخيا.. فنحن كشعبين في سورية وفي تركيا يجب أن نستمر في هذا الخط بغض النظر عن أدوار الحكومات.. سواء في سورية أو في تركيا. فإذن علينا أن نصنع التاريخ وألا نسمح للقوى الكبرى بأن تتدخل فينا وألا نسمح للمسؤولين الذين يريدون أن يحولوا بلدانهم إلى مجرد مركب تركبه الدول الكبرى وتقوده بالاتجاه الذي تريد.. ألا نسمح لهؤلاء المسؤولين بأن يخربوا هذه العلاقات. من جانب آخر أريد أن أوجه تحية أيضا للإعلاميين.. لكل الإعلام التركي الذي تجرأ على أن يقول كلمة حق بالنسبة لما يحصل في سورية.. وخاصة في وجه القمع الذي قام به أردوغان تجاهكم كصحفيين وتجاه التهديدات التي لم تتوقف.. وأنا أعرف وأنتم تعرفون بأن هناك إعلاما تركيا كان يريد أن يأتي في أكثر من مناسبة إلى سورية ولكنه منع وهدد.. وهناك من دفع الثمن بالسجن أو بالأموال أو ما شابه. أيضا لا نقلل من أهمية ما قامت به الأحزاب التركية وفي مقدمتها حزب الشعب الذي وقف موقفا ثابتا لسنتين ونصف السنة من دون أن يتزحزح بالرغم من كل الأموال الموجودة مع أردوغان والدعم الخارجي. فكل هؤلاء عبروا عن الشعب التركي.. لذلك أنا مطمئن للمستقبل بالنسبة للعلاقة السورية التركية.. وهؤلاء الأشخاص هم أشخاص عابرون.. أردوغان وأوغلو وأشباه هؤلاء.. هم مجرد أشخاص عابرين وسيذكرهم التاريخ باللون الأسود فقط.. كأشخاص مسؤولين عن سيل الدماء في هذه المنطقة.. كأشخاص أرادوا أن يكونوا مجرد دمية بيد القوى الكبرى وخاصة الولايات المتحدة.. فقط من أجل تحقيق مصالحهم ولو كانت على حساب مصالح السوريين والأتراك. إذا رأينا الأمور سوية نحن وأنتم بهذه الطريقة.. أعتقد أن سورية وتركيا قادرتان على صناعة مستقبلهما بأيديهما ومعهما مستقبل المنطقة ككل.
السؤال الثالث والثلاثون: هل يمكنني طرح سؤالي الأخير... أسأل لأن الشعب التركي يحب معرفة ذلك... كيف تعرفون أنفسكم.. ليس كرئيس بل كمواطن سوري فهل أنت يساري أم ليبرالي أم إصلاحي أم ثوري أم اشتراكي...
الرئيس الأسد..
أي توجه عقائدي سواء كان سياسيا أو غيره إن لم يكن متوافقا مع مصالح البلد فلا معنى له. فلا بد أن يكون هناك ربط ما بين الانتماء الفكري والواقع. هذا الواقع يتبدل. فهل هذا الواقع تبدل بشكل يناقض هذه المصالح... ثوري... حتى ينظر الناس للثورة بشكل مختلف أنا مع التغيير الجذري.. أفضل التغيير الجذري بشكل ألا ننفصل عن السابق. أفضل التغيير الجذري بشكل ألا ندمر البلد لكي نقول إننا غيرنا تغييرا جذريا. التغيير الجذري لا يعني أن يحصل فجأة.. ولكن قد يمر بمراحل. أنا دائما مع المراحل.. لأن المراحل تعطيك الفرصة لكي تقيم ما تقوم به وتكون قادرا على التبديل. فأستطيع أن أقول.. بغض النظر عن هذه التسميات.. أنا عقلاني وواقعي.
المذيع.. شكرا جزيلا لكم.
المذيعة.. شكرا لكم مرة أخرى.. شكرا لكم لأنكم استقبلتمونا في هذه المرحلة المهمة وعيون العالم كله عليكم.
الرئيس الأسد..
شكرا لمجيئكم إلى سورية تحت ظروف الضغط الكبيرة التي تتعرضون لها في تركيا.. وأتمنى أن تنقلوا تحياتي للعاملين في قناة خلق وفي صحيفة يورت. مرة أخرى أرحب بكم في سورية.
المذيعة.. شكرا لكم السيد الرئيس.