- الرئيسية
-
وزير الخارجية والمغتربين
- وزارة الخارجية والمغتربين
-
سورية
-
بيانات رسمية
2015-10-04
أكد السيد الرئيس بشار الأسد أن التحولات في مواقف المسؤولين الغربيين وتصريحاتهم الإعلامية سواء الإيجابية أو السلبية لا يمكن أخذها على محمل الجد لعدم الثقة بهم مشيرا إلى أن مستقبل سورية ونظامها السياسي هو بيد الشعب السوري وليس بيد أي مسؤول أجنبي.
وأوضح الرئيس الأسد في مقابلة مع قناة خبر الإيرانية اليوم أن الجهود السورية الروسية الإيرانية العراقية المشتركة يجب أن يكتب لها النجاح في مكافحة الإرهاب وإلا فنحن أمام تدمير منطقة بأكملها مبينا أن الإرهاب أداة جديدة لإخضاع المنطقة ولذلك لا خيار أمامها سوى الانتصار عليه إذا أرادت أن تكون مستقلة ومزدهرة.
وأكد الرئيس الأسد إننا لم نر أي نتائج للتحالف الذي تقوده واشنطن لأنه ببساطة لا يمكن لدول تدعم الإرهاب أن تقوم بمكافحته وأن تكون جدية في ذلك مشددا على أن مكافحة الإرهاب تكون أولا بالضغط على الدول التي تسلحه وتموله للتوقف عن ذلك.
وفيما يلي النص الكامل للمقابلة..
قال الرئيس الأسد ردا على سؤال حول قراءته للتحول في المواقف الغربية تجاه سورية وقيادتها بعد خمس سنوات من حرب إرهابية مدمرة.. بداية أريد أن أرحب بك في دمشق وأنا سعيد أن أتحدث إلى اخوتنا الإيرانيين عبر شاشتكم.. فيما يتعلق بالتحولات التي تراها بالنسبة للعالم الغربي جزء منها مرتبط بتصريحاتهم الإعلامية .. وبالنسبة لنا في سورية لا يمكننا أن نأخذ هذه التصريحات على محمل الجد سواء كانت بالاتجاه الإيجابي أو بالاتجاه السلبي وذلك لأسباب كثيرة.. وأعتقد أن الأخوة والمسؤولين في إيران يشاركوننا الرأي نفسه وهو عدم الثقة بالمسؤولين الغربيين.. طبعا بالنسبة لتصريحاتهم الأخيرة حول المرحلة الانتقالية أو غيرها أنا أقول كلاما واضحا بأنه ليس لأي مسؤول أجنبي أن يحدد مستقبل سورية.. مستقبل النظام السياسي.. من هم الأشخاص الذين يحكمون أو غيرهم.. هذا قرار الشعب السوري.. لذلك كل هذه التصريحات لا تعنينا.
وتابع الرئيس الاسد.. لكن الشيء المؤكد أن المسؤولين الغربيين يعيشون حالة ضياع.. ضبابية وعدم وضوح في الرؤية.. وبالوقت نفسه شعورا بالفشل تجاه المخططات التي وضعت والتي لم تحقق أهدافها.. طبعا الهدف الوحيد الذي تحقق هو ما ذكرته أنت في سؤالك وهو تدمير الكثير من البنى التحتية في سورية.. سفك الكثير من الدماء.. كان الثمن غاليا.. ولكن كانت أهدافهم هي إخضاع سورية بشكل كلي واستبدال دولة بدولة أخرى.. بدولة عميلة لكي تقوم بتنفيذ الأجندات التي تفرضها الحكومات الأجنبية بالوقت نفسه الأكاذيب التي بدؤوا بها في بداية الأحداث في سورية من أجل تسويق مواقفهم أولا لدى مواطنيهم بدأت تنكشف.. لا يمكن أن تستمر بالكذب على الشعب لسنوات.. يمكن أن تكذب لفترة محددة.. واليوم في ظل الانفتاح التقني في مجال المعلومات يمكن لأي مواطن في أي مكان في العالم أن يصل إلى جزء من الحقيقة.. هذه الأجزاء بدأت تتراكم لدى أولئك المواطنين وبدأ يظهر أن حكوماتهم كانت تكذب عليهم بشأن ما حصل في سورية.. بالوقت نفسه هم دفعوا الثمن سواء بالعمليات الإرهابية.. الإرهاب الذي بدأ ينتقل إلى تلك الدول.. أو من خلال الهجرات التي بدأت تأتي إليهم.. ليست فقط من سورية وإنما من دول مختلفة في منطقة الشرق الأوسط.. كل هذه العوامل بدأت تؤدي إلى تحول بالمواقف ولكن أريد أن أؤكد مرة أخرى أن المواقف الغربية سواء كانت إيجابية أو سلبية لا يمكن أن نثق بها على الإطلاق.
ورداً على سؤال حول انتقال فرنسا في عهد ساركوزي إلى خندق العداء لسورية بعد أن ربطتها بها علاقات جيدة من عام 2008 وحتى 2010 .. قال الرئيس الأسد: لأن ساركوزي كلف من قبل إدارة جورج بوش بالتواصل مع سورية.. وكان لهذا التواصل عدة أهداف.. مجمل الأهداف كان تغيير الخط السياسي في سورية.. ولكن كانت هناك نقطة أساسية اهتم بها ساركوزي بتكليف من الأمريكيين.. وفي ذلك الوقت بدأ الحديث عن كيف تتعامل مجموعة “خمسة زائد واحد” مع الملف النووي الإيراني وتحديدا مع موضوع المواد النووية أو المواد المشعة التي تم تخصيبها في مفاعلاتكم في إيران.. كان المطلوب مني في ذلك الوقت أن أقنع المسؤولين الإيرانيين بفكرة نقل هذه المواد إلى الدول الغربية لتقوم هي بتخصيبها وإعادتها إلى إيران.. طبعا من دون أي ضمانات وهذا الكلام كان مستحيلا.. لم نقتنع نحن به وطبعا المسؤولون الإيرانيون لم يكونوا مقتنعين بهذا الكلام.. عندما لم يتمكن الغرب من تغيير السياسة السورية.. طبعا يضاف إلى ذلك الوقوف إلى جانب المقاومة والتمسك بالحقوق وباستقلال القرار.. كان ما سموه في بداية الأحداث “الربيع العربي” فرصة للانقضاض على الدول التي لا يعجبهم خطها السياسي.. فلذلك تلك المرحلة التي تتحدث عنها كانت مرحلة شكلية.. أي أنه بالشكل كان هناك انفتاح غربي على سورية لكن بالواقع كانت مرحلة مليئة بالضغوط وبالابتزاز.. ولم يقدموا شيئا واحدا لسورية لا سياسيا ولا اقتصاديا ولا في أي مجال من المجالات.
وقال الرئيس الأسد ردا على سؤال حول موقف بقية الدول الغربية كبريطانيا وأمريكا: نعم.. عندما نتحدث عن هذه الدول فنحن نتحدث عن منظومة كاملة.. نحن نسميها كمصطلح “الدول الغربية”.. وهذه الدول الغربية لها سيد واحد هو الولايات المتحدة.. كل هذه الدول تتصرف بما يأمرها به المايسترو الأمريكي.. اليوم التصريحات في كل هذه الدول متشابهة.. يقولون كلاما متشابها.. وعندما يهاجمون سورية يهاجمونها بالوقت نفسه وبكلام متشابه.. فلذلك عندما تعطي أمريكا إشارة لهذه الدول تتحرك باتجاه معين ولكن يحصل توزيع أدوار.. ففي ذلك الوقت من كلفت هي فرنسا باعتبار العلاقة الفرنسية السورية تاريخيا منذ الاستقلال جيدة إلى حد ما.. هناك جالية سورية كبيرة في فرنسا.. وهناك علاقات اقتصادية وحتى عسكرية وطبعا سياسية.. فلذلك كان الأفضل بالنسبة لهم أن يكلفوا فرنسا وليست أي دولة أخرى.. ولكن المسؤولين الغربيين بالمحصلة خاضعون للإدارة الأمريكية.. هذه حقيقة.
وأضاف الرئيس الأسد ردا على سؤال حول مراد الغربيين من سورية.. يريدون تغيير الدولة.. يريدون إضعافها وإضعاف سورية ويريدون إيجاد مجموعة دول ضعيفة تلتهي بأمورها اليومية.. بمشاكلها.. بخلافاتها الداخلية.. ولا يكون لديها وقت للتطور ولا لدعم القضايا الوطنية والقومية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.. وبالوقت نفسه ضمان أمن “إسرائيل”.. هذه الأهداف أهداف دائمة وليست أهدافا جديدة.. لكن تتغير الوسائل للتعامل معها من وقت لآخر.
وتابع الرئيس الأسد رداً على سؤال عن الضرر الذي تلحقه سياسة الدول الداعمة للإرهابيين بالأمن والاستقرار في المنطقة.. طبعا لديك أنواع مختلفة الآن من الإرهاب في منطقتنا.. ولكن يطغى عليها الإرهاب الذي يسمى بالإرهاب الإسلامي لأن هذه المنظمات أو هذه المجموعات الإرهابية تبنت الإسلام.. طبعا ليست لها علاقة بالإسلام.. ولكن هذا المصطلح الآن هو المستخدم.. وهذه المجموعات تسوق الفتنة الطائفية بين المكونات الموجودة في المنطقة بشكل عام.. يعني أن الضرر الأكبر هو تفتيت المجتمعات مع الوقت.. الآن لحسن الحظ هناك وعي كبير لدى المجتمعات في منطقتنا حول خطورة الفتنة الطائفية.. حول ضرورة التوحد وخاصة بالنسبة للمسلمين.. ولكن مع الوقت.. ومع استمرار التحريض الطائفي وخلق الفجوات بين مكونات المجتمع.. مع استمرار تربية جيل شاب وصغير على الأفكار الخاطئة.. سيكون خطر كبير جدا.. سيكون هذا التفتيت في يوم من الأيام أمرا واقعا.. وبالتالي الصراعات والصدامات والحروب الأهلية وما شابه.. هذا موضوع خطير جدا، ليس من قبيل المبالغة هذه حقيقة.
وقال الرئيس الأسد في جوابه عن سؤال حول الرد على موقف آل سعود الذين يصرون على تنحي الرئيس في الوقت الذي تعلن فيه المحافل الدولية أن حل الأزمة سياسي : ما قلته قبل قليل إن الحديث عن موضوع النظام السياسي أو المسؤولين في هذا البلد هو شأن سوري داخلي.. أما اذا كانوا يتحدثون عن الديمقراطية.. فهل هذه الدول التي ذكرتها وخاصة السعودية هي نموذج للديمقراطية أو لحقوق الإنسان أو للمشاركة الشعبية في الدولة… هي النموذج الأسوأ والأكثر تخلفا وتأخرا على مستوى العالم.. فليس لهم الحق في الحديث حول هذه النقطة.. أما أردوغان فهو الشخص الذي خلق فجوات داخل مجتمعه.. داخل تركيا نفسها.. كانت مستقرة لسنوات طويلة.. خلال أحاديثه التقسيمية عن الفتنة وعن التمييز بين المكونات. هذا الشخص ليس في موقع.. لا هو ولا داوود أوغلو.. أن يعطي نصائح لأي دولة أو لأي شعب في العالم.. هذه الحقيقة بكل بساطة.
وقال الرئيس الأسد ردا على سؤال حول أسباب نشوء الأزمة هل هي داخلية أم خارجية.. عندما يكون هناك تدخل خارجي لا يمكن لهذا التدخل أن يعطي تأثيرا سلبيا كبيرا إلا إذا كانت هناك فجوات في هذا الوطن أو في ذلك المجتمع.. ونحن قلنا منذ البداية أن هناك أشياء كثيرة بحاجة لإصلاح في سورية.. وهناك ثغرات موجودة.. هذه الثغرات نتحمل مسؤوليتها جميعا كسوريين.. طبعا الدولة تتحمل مسؤوليتها في هذا الموضوع بالدرجة الأولى.. وكلما ارتفع مستوى المسؤول يتحمل المسؤولية الأكبر.. هذا بشكل عام.. لكن عندما نأتي لحقائق ما حصل في سورية لا نستطيع أن ننفي أهمية العامل الخارجي.. عندما كان هناك دفع أموال من أجل الخروج في مظاهرات تحت عناوين لها علاقة بالدستور أو بالقوانين أو بالإصلاح.. وقمنا منذ البداية بالتجاوب مع كل هذه الطروحات بالرغم من أننا نعرف بأن جزءا كبيرا منها غير صادق وغير حقيقي.. ولكنه كان عنوانا.. ومع ذلك دعونا منذ البداية لحوار سياسي بين القوى السياسية السورية.. وكانت النتيجة اللاحقة لذلك الحوار هي تغيير الدستور.. تغيير البنود التي كانت تعتبر كما كانوا يدعون أو كما كان يدعي البعض بأنها سبب الأزمة.. تم إصدار قوانين جديدة فيها المزيد من الحريات.. تشكلت أحزاب جديدة في سورية.. تم تغيير قانون الإعلام. تقريبا تم إجراء كل الأشياء التي طلبت أو التي استخدمت كعناوين للتظاهر.
وتابع الرئيس الأسد: عندها بدؤوا في الدول الغربية وفي إعلام الدول الإقليمية التي تخضع للأجندة الغربية وفي مقدمتها تركيا وقطر والسعودية بالحديث عن موضوع الرئيس تحديدا.. لماذا… لأنهم يريدون أن يقوموا بعملية شخصنة للموضوع.. أي أن كل المشكلة في سورية سببها شخص وبالتالي يسهل تحميل كل المسؤولية لشخص وليس للإرهابيين أو للدول الغربية أو الدول الإقليمية التي تسعى لتخريب الوضع في سورية.. لذلك أعود وأقول إ[ن موضوع الرئاسة أو غيرها هي قضايا مرتبطة بالشعب السوري.. أنا شخصيا قلت في أكثر من مناسبة عندما يكون هناك قرار من الشعب السوري بأن يبقى هذا الشخص سيبقى.. وعندما يكون هناك قرار بأن يذهب يجب أن يذهب مباشرة.. فالقضية ليست قابلة للنقاش في هذا الموضوع.. ولكن إذا كان الرأي الخارجي عكس رأي الشعب السوري فليس له قيمة بكل بساطة.. لذلك نحن نقول بأن العودة إلى الحوار والاستمرار بالحوار الذي يحصل من فترة لفترة هو الحل بالنسبة للأزمة السورية.. أما إذا كانت هناك مطالب بالإصلاح فهي لا تحمل للرئيس.. وإنما تحمل للمؤسسات لأن المؤسسات في أي دولة من الدول هي التي تحدد شكل الإصلاح.. فالقضية عندما تكون قضية وطنية تحمل للمؤسسات وتتم عبر المؤسسات.. خاصة المؤسسات المنتخبة وفي مقدمتها مجلس الشعب.
وأضاف الرئيس الأسد ردا على سؤال هل تعتقدون أن الذي حصل في سورية يتعلق بالمؤسسات وليس بشخص رئيس الجمهورية.. طبعا.. لأن الرئيس يأتي عبر المؤسسات ويذهب عبر المؤسسات.. يأتي عبر الدستور ويذهب عبر الدستور.. عبر القوانين.. عبر الانتخاب.. هذه هي الآليات.. الرئيس لا يأتي عبر الإرهاب ولا يذهب عبره.. لا يأتي عبر الفوضى ولا يذهب عبرها.. لا يأتي عبر الرأي الخارجي أو عبر غطاء خارجي كما هو الحال في معظم الدول في منطقتنا.. وأنتم تعرفون هذه الحقيقة.. عندما يأتي من قبل دولة أجنبية يستمر من خلال قرار هذه الدولة الأجنبية.. ويذهب بقرار منها.. لكن هذا ليس هو الحال في سورية ولا في إيران، ولن يكون هذا الحال في المستقبل.
وقال الرئيس الاسد ردا على سؤال هل ستقومون بإدارة الأزمة كما أدرتموها في السابق.. بالنسبة للأمور في الحياة دائما هناك عناوين كبيرة وهناك تفاصيل صغيرة هي التي تشكل هذه العناوين.. ما يتغير غالبا هو التفاصيل وليست العناوين الأساسية إلا في حالات خاصة.. بالنسبة لهذه الأزمة كانت درسا غنيا.. أي أزمة وطنية هي درس غني جدا للمسؤولين.. للمواطنين.. للمجتمع بشكل عام.. كل يوم تتعلم فيه شيئا جديدا وترى الأمور بزوايا مختلفة.. وترى أحيانا أشياء جديدة لا تعرفها حتى عن نفسك أو عن مجتمعك الذي تعيش فيه.. لذلك أن نقول بأن هذه الأزمة تمر ولن نتعلم شيئا جديدا ولا يمكن أن نعدل.. هذا الكلام غير منطقي وغير واقعي.. من الطبيعي أن يكون هناك اختلاف في التفاصيل.. ولكن ليس في العناوين، لماذا… لأن هذه العناوين هي مبادئ أساسية.. مثلا في البداية قررنا أن يكون هناك حوار.. نستجيب للحوار.. ونعتبر أن الحل هو بالحوار.. وما زلنا نؤمن بهذا المبدأ.. مكافحة الإرهاب.. منذ البداية كانت واضحة بالنسبة لنا الأصابع الخارجية.. وأنها تهدف لخلق فوضى.. وخلق بيئة إرهابية في سورية لكي لا تستقر.
وأضاف الرئيس الأسد: منذ البداية قررنا أن نكافح الإرهاب.. واليوم نحن أكثر تمسكا بهذا المبدأ.. منذ البداية قررنا أن نكون مستقلين في حل مشاكلنا.. نحن نريد مساعدة من الدول الصديقة.. هذا ما تفعله إيران.. هذا ما تفعله روسيا.. وعدد من الدول الأخرى في العالم.. ولكن لا يمكن لأحد أن يحل محلنا في حل مشاكلنا في هذه المبادئ لا بالعكس.. أنا أعتقد بأننا اليوم أكثر تصميما على التمسك بهذه المبادئ.. وأثبتت الأحداث صحة ما كنا نقوله منذ بداية الأزمة.. لكن لا شك أنه بالنسبة للتفاصيل والآليات تختلف رؤيتنا اليوم عما كانت في ذلك الوقت.
وأكد الرئيس الأسد ردا على سؤال حول إمكانية الجلوس على طاولة حوار واحدة مع “المسلحين” في سورية.. أن الشيء البديهي في كل العالم ألا تجلس دولة لكي تحاور الإرهابيين.. لأن الإرهابيين يجب أن يخضعوا للقانون أولا كأي مواطن.. ويخضعوا للمحاسبة.. لكن يمكن للدولة أن تحاور الإرهابيين في حالة واحدة.. عندما يكون هدف الحوار هو إلقاء السلاح وعودة هؤلاء الأشخاص الذين مارسوا أعمالا إرهابية إلى حضن الدولة وإلى حضن القانون.. هذا الشيء حصل في سورية وحاورنا الكثير من المجموعات تحت عنوان ما نسميه المصالحات التي تقوم الدولة من خلالها بالعفو عن أولئك الأشخاص مقابل أن يعودوا إلى حياتهم الطبيعية.. قمنا بذلك وحققت هذه الخطوات أو الآلية أو المقاربة نسبة نجاح جيدة في كثير من المناطق خاصة عندما نعلم أن هناك الكثير من الأشخاص الذين مارسوا الإرهاب تحت ظروف ربما دفعتهم بهذا الاتجاه.. ليس بالضرورة أن تكون هناك قناعة حقيقية أو رغبة بأن يذهبوا بهذا الاتجاه.. هناك من خدع.. هناك من غرر به. بالمقابل هناك مجموعات إرهابية عقائدية لا تؤمن بالحوار.. هي ترفض الحوار وهي ترفض المصالحة.. وهي تعتقد بأن هذا القتل وهذا الإرهاب هو جزء من الدين وجزء من الإسلام الحنيف.. وعندما تقوم بعملية القتل.. وعندما تكافحهم ويقتلون.. فيعتقدون بأنهم خدموا الدين ولاحقا ذهبوا إلى الجنة.. هذه المجموعات لا يمكن الحوار معها.. لا هي تقبل ولا نحن نقبل.
وقال الرئيس الأسد ردا على سؤال حول الأضرار التي سببتها التنظيمات الإرهابية للأمن والاستقرار في المنطقة وكيفية التعامل معها : عندما ننظر إلى هذه التنظيمات الإرهابية وآخرها “داعش” أو “جبهة النصرة” أو القاعدة هي مجرد مظهر من مظاهر انحراف طويل وعميق في منطقتنا وفي مجتمعاتنا.. هذا الانحراف عمره على الأقل أربعة عقود إن لم يكن أكثر.. ولكن عمليا بداية هذا الانحراف بدأت منذ قرنين من الزمن مع بداية الانحراف في تفسير الدين الإسلامي.. والمظهر الأساسي لهذا الانحراف هو الدعوة الوهابية التي فسرت الإسلام بشكل منحرف ومناقض في كثير من الحالات لمضمون الدين الإسلامي نفسه.. فكانت هذه مجرد مظاهر.. الضرر قصير الأمد هو ضرر مرتبط بالأعمال الإرهابية التي يقومون بها.. التدمير والقتل.. طبعا معالجته ليست سهلة ولكنها ممكنة بكل تأكيد وإذا تمت معالجته فسيكون هذا انتصارا للمجتمع.. انتصارا كبيرا بوقايته من مرض.. من وباء حقيقي.
وأوضح الرئيس الأسد أن الخطر الأكبر إذا استمرت هذه المعالجة لفترة طويلة وتحولت هذه المنظمات بفكرها إلى حالة متجذرة داخل المجتمع.. فأنت في تلك الحالة سوف تتعامل مع حالة ثقافية فكرية خطيرة جدا.. ستكون أمام جيل جديد من الإرهابيين المؤدلجين الذين يؤمنون بالقتل وبالتكفير وبالتمييز كمنهج أساسي لبناء دولة إسلامية كما يعتقدون.. عندها سنكون أمام ورطة كبيرة في هذه المنطقة.. هذا النوع من الفكر ليس له حدود.. لا يعترف بالحدود السياسية.. ينتقل بالعدوى بشكل سريع في منطقتنا.. وحتى في أوروبا كما نرى اليوم.. لذلك فإن مخاطر هذه التنظيمات كبيرة جدا ولكن لا يكفي أن نكافحها كتنظيمات.. الأهم هو أن نكافح الفكر الذي أدى إليها والدول التي سوقت لهذا الفكر والمؤسسات التي تؤمن الأموال لهذا الفكر عبر مدارس ومؤسسات دينية تسوق التطرف في العالم الإسلامي.
وردا على سؤال عن سبب فشل التحالف الدولي الذي شكله الغرب ضد الإرهاب قال الرئيس الأسد : هذا صحيح.. أولا.. لا يمكن للص أن يكون هو نفسه الشرطي الذي يقوم بحماية المدينة من اللصوص.. ولا يمكن لدول تدعم الإرهاب أن تقوم بمكافحة الإرهاب.. هذه حقيقة التحالف الذي نراه.. لذلك بعد عام وبضعة أشهر لا نرى أي نتائج.. على العكس.. نرى نتائج معاكسة.. نرى أن الإرهاب توسع.. توسع برقعة جغرافية.. بزيادة المتطوعين أو الملتحقين بتلك التنظيمات الإرهابية.. ثانيا لأن هذه الدول التي تدعم الإرهاب أساسا وهي التي شكلت له الغطاء.. لا يمكن أن تكون جدية.. فلو أخذنا مثالا عدد الطلعات الجوية لـ 60 دولة مجتمعة في سورية والعراق فهي لا تعادل أجزاء بسيطة مما يقوم به سلاح الجو السوري.. ونحن دولة صغيرة بالمحصلة.. وسلاح الجو في سورية ليس كبيرا.. مع ذلك نحن نقوم بعدد من الطلعات أضعاف ما تقوم به تلك الدول.. وهناك مؤشر أهم لعدم جديتهم.. كيف يمكن للولايات المتحدة وحلفائها أن يقوموا بمكافحة الإرهاب أو “داعش” في سورية والعراق وبالوقت نفسه أقرب حلفائهم في حكومة أردوغان وأوغلو يقومون بدعم الإرهابيين ليعبروا الحدود وليجلبوا سلاحا ومالا ومتطوعين عبر تركيا.. لو أرادت الولايات المتحدة فعلا أن تكافح الإرهاب لكانت ضغطت على تلك الدول.. لذلك لا أعتقد بأن هذا التحالف سيقوم بأي شيء سوى أنه سيخلق نوعا من التوازن بين القوى الموجودة لتبقى هذه النار مشتعلة وتبقى عملية التآكل بالنسبة لسورية والعراق ولاحقا لدول أخرى في المنطقة لكي نضعف جميعا لعقود من الزمن، وربما لأجيال.
وبشأن الرد على الدول التي تعتبر وجود الرئيس في السلطة ذريعة لاستمرار الحرب قال الرئيس الأسد: حسنا.. إذا كنت أنا ذريعة للإرهاب في سورية فمن هو ذريعة الإرهاب في اليمن.. أنا لست موجودا في اليمن.. من هو ذريعة الإرهاب في ليبيا.. من هو ذريعة الإرهاب في العراق.. في الحقيقة لو أخذنا مثالا “داعش” فهو لم ينشأ في سورية.. بل نشأ في العراق في العام 2006 عندما كان الأمريكيون هم الذين يديرون أغلب الأمور.. إن لم نقل كل الأمور وخاصة الأمنية منها.. نشأ هناك تحت رايتهم.. والقيادات الداعشية كلها خريجة السجون التي كانت تديرها أمريكا وليست الحكومة العراقية.. هذا كلام ليس له معنى.. باعتراف المسؤولين الغربيين في أمريكا أو في دول أخرى انهم هم من أسسوا هذا التطرف عبر القاعدة في أفغانستان بداية لمواجهة الاتحاد السوفييتي.. و”داعش” هي واحدة من مفرزات القاعدة بشكل آخر وفي منطقة أخرى.. ما يقولونه ليس له قيمة.. دائما الغرب يبحث عن جهة أخرى أو شخص آخر يلقي عليه المسؤولية لأنهم لن يقولوا بأنهم هم من دعم الإرهاب وهم من وقف ضد الشعب السوري وعمل على تدميره وتدمير ثقافته وتراثه وكل أسس حياته.
وقال الرئيس الأسد ردا على سؤال حول إمكانية نجاح التحالف الجديد بين سورية وإيران وروسيا والعراق لمكافحة الإرهاب.. يجب أن يكتب له النجاح.. وإلا فنحن أمام تدمير منطقة بأكملها وليس دولة أو دولتين.. ونحن لدينا ثقة بهذا الشيء.. طبعا ما ذكرته عن دعم الدول الأخرى للتنظيمات الإرهابية لا شك بأنه سيجعل ثمن الانتصار في المعارك التي تخوضها هذه الدول ضد الإرهاب ثمنا غاليا بكل تأكيد.. إذا انضمت هذه الدول بشكل جدي وصادق لمكافحة الإرهاب.. على الأقل من خلال التوقف عن دعم الإرهابيين.. فهذا سيؤدي الى تسارع تحقيق النتائج التي نتمنى أن نراها جميعا.. ولكن حتى لو لم تقم بذلك تلك الدول واستمرت بدعم الإرهاب فنحن كدول لدينا رؤية.. لدينا خبرة.. نحن وأنتم.. أنتم تعرضتم للإرهاب في إيران.. وروسيا تعرضت للإرهاب بأشكال مختلفة.. هذه الدول إن توحدت ضد الإرهاب بموضوع المكافحة العسكرية والأمنية والمعلوماتية بالإضافة إلى جوانب أخرى فلا شك بأن هذا التحالف سيحقق نتائج فعلية وخاصة أن هناك دعما دوليا بشكل عام من دول قد لا يكون لها دور مباشر في هذه الأزمات وفي هذه المنطقة، ولكن إذا استثنينا الغرب الذي دائما يسعى لدعم الإرهابيين وللاستعمار وللوقوف ضد قضايا الشعوب.. فمعظم دول العالم الآن لديها شعور بالخطر الحقيقي من الإرهاب ونحن نرى مؤخرا أن هناك تصريحات متوالية من دول مختلفة تدعم هذا التحالف، لذلك أعتقد بأن فرص نجاح هذا التحالف هي فرص كبيرة.
وبشأن الرسائل التي يمكن توجيهها للدول الداعمة للإرهاب في سورية قال الرئيس الأسد : كنا نريد أن نقول لهم إن الإرهاب سيصل إليكم ولكنه وصل مؤخرا.. عندما كنا نقول هذا الكلام منذ بضع سنوات كانوا يقولون بأن السوريين يهددون.. اليوم لم يعد تهديدا.. أولا الإرهاب وصل إلى دول أوروبية مختلفة بالإضافة إلى الدول الإقليمية التي تدعم الإرهاب وبدأت تعاني منه.. موضوع الهجرات الذي شمل مهاجرين من دول مختلفة لأسباب لها علاقة بالإرهاب وهناك أسباب أخرى قد تدفع الآخرين للهجرة من المنطقة.. ومن المعروف أن جزءا كبيرا من الإرهابيين اندس بين أولئك المهاجرين وأصبح موجودا في تلك الدول الأوروبية.. الأهم من ذلك أن هذه المنطقة كانت تتهم دائما بأنها هي التي تصدر الإرهاب والتطرف إلى أوروبا.
وأضاف الرئيس الأسد: حقيقة اليوم أهم القيادات الإرهابية في سورية والعراق هي من أوروبا ربما العدد الأكبر من الإرهابيين هو من الدول الإسلامية وتحديدا من الدول العربية.. ولكن القيادات معظمها من الدول الأوروبية وتحديدا من دول شمال أوروبا التي تبعد نسبيا عن منطقتنا ومجتمعها غني وراق ومع ذلك الإرهاب يأتي من تلك الدول إلى منطقتنا.. هذا يعني أن الإرهاب لا يعرف حدودا ولا يمكن استخدام الإرهاب كورقة سياسية تستخدمها متى تريد.. أنا دائما أشبه الإرهاب بالعقرب.. لا يمكن أن تضعه في جيبك لأنه سيلدغك عند أول فرصة.. هذا الشيء نكرره الآن.. هم بدؤوا يعرفون هذه الحقيقة ولكنهم لا يجرؤون على الاعتراف بها.. لأنهم اذا اعترفوا بها فسيكونون مضطرين للاعتراف بأنهم كانوا على خطأ منذ البداية.. وهذا صعب عليهم في الداخل.. في بلدانهم.. سيكون هذا انتحارا سياسيا.. لذلك نتمنى أن يصلوا إلى يوم يكونون فيه جريئين بما فيه الكفاية ليعترفوا بهذا الخطأ وليقولوا بأنهم ساروا بعكس مصالح شعوبهم من أجل مصالحهم الانتخابية.
وردا على سؤال حول وجود مصادر غير رسمية للاطلاع على أوضاع الجبهات وأحوال الناس في سورية قال الرئيس الاسد.. طبعا في كل العمل الرسمي من الخطأ أن يعتمد المسؤول فقط على تقارير وعلى عمل المؤسسات.. يبقى هناك خلل موجود دائما بعمل المؤسسات.. يبقى هناك الرأي الشخصي.. الرؤية الفردية لأي شخص قد يكون فيها نوع من الابتعاد عن الحقيقة لمصلحة ما.. أو لعدم وضوح الرؤية.. لذلك كلما توسعت قاعدة العلاقات والمصادر للمعلومات تكون الرؤية أقرب إلى الواقع.. فلذلك اللقاءات مع الأشخاص المعنيين البعيدين عن التقارير.. مع المواطنين.. مع أي شخص تضيف جزءا من الحقيقة إلى الصورة التي يجب أن تتشكل.. هذا الموضوع أساسي على ما أعتقد حتى في حالات السلم.. فكيف يكون الوضع في حالة الحرب التي نعيشها.. أنت بحاجة إلى هذا النوع من التواصل أكثر من الأوقات العادية.. لا يمكن للورق أن يعطيك صورة كاملة عن الواقع.. هذه قاعدة عامة بالنسبة لي.
وقال الرئيس الأسد ردا على سؤال حول متابعته القنوات الأجنبية وشعوره عند بثها أخبارا سلبية عن سورية : طبعا أتابعها بشكل مستمر.. لا بد أن نفهم كيف يفكر الخصوم.. منذ الأيام الأولى للأزمة.. كانت الحرب بالدرجة الأولى حربا إعلامية ونفسية.. هذه الحرب الإعلامية وخاصة عبر الأقنية العربية على اعتبار أن قلة من الناس هنا يشاهدون الأقنية الأجنبية.. أثرت وتمكنت من تشويه الصورة لدى جزء لا بأس به من السوريين.. ولكن لنقل بأنه خلال العام الأول كانت الحال كذلك.. بعدها بدأت الأمور تتكشف وتتضح الصورة تدريجيا.. فإذا بقي تأثير هذه الوسائل الإعلامية في دولهم.. لم يعد لها تأثير في دولنا خاصة بالنسبة لوسائل الإعلام الأجنبية.. أنا أقول أولا هم يخدعون شعبهم ولا يخدعوننا.. النقطة الثانية.. عندما تكون لديك قضية وطنية وأنت تدافع عن بلدك لا يهمك ما يقوله الآخرون.. ما يهمك أولا هو أن تحمي البلد.. أن تحقق المصلحة الشعبية.. المصلحة الوطنية.. وبعدها يأتي أي شيء آخر.. بما أن هذه الوسائل الإعلامية فقدت مصداقيتها.. والمسؤولين الغربيين ليس لهم مصداقية بالأساس بالنسبة لنا.. فليس لكلامهم أي قيمة وأي تأثير حتى من الناحية النفسية.. فأنا أقرؤه أو أسمعه أو أشاهده فقط لكي أفهم كيف يفكرون.. ولكن حقيقة لم يعد له أي تأثير بالنسبة لي شخصيا.
وردا على سؤال حول الانطباع إزاء صور وأفلام المهاجرين واللاجئين قال الرئيس الأسد: طبعا هذا شيء مؤلم.. سورية كانت دائما ملاذا للاجئين عبر تاريخها.. منذ ما قبل الدولة العثمانية حتى عبر التاريخ القديم بسبب موقعها الجغرافي وطبيعة مجتمعها وبسبب ثقافتها .. بسبب عوامل كثيرة.. ولكن مؤخرا على الأقل خلال القرن الماضي كانت هي الملجأ للفلسطينيين.. للبنانيين.. وقبل ذلك الأرمن الذين أتوا إلى سورية بسبب المجازر ضدهم.. مجازر السريان في أيام الدولة العثمانية وغيرها من المفاصل المختلفة.. طبعا لا أنسى أيضا العراقيين بعد الغزو الأمريكي في عام 2003.. أن يتحول السوري إلى لاجئ هذا شيء مؤلم جدا.. وربما يكون نقطة سوداء في تاريخ سورية سنذكره ربما لعقود وقرون.. سيذكره السوريون لعقود مقبلة.. لكن المؤلم أكثر هو استغلال مشكلة اللاجئين من قبل الدول الغربية ومن قبل الإعلام الغربي على اعتبار أنها مأساة إنسانية يتألمون من أجلها بينما في الحقيقة هم المساهم الأكبر في الوصول إلى هذه الحالة من خلال دعمهم للإرهاب.. من خلال فرض الحصار على سورية.
وبالتالي في كثير من المناطق في سورية.. وفي كثير من الحالات.. المتطلبات الأساسية للحياة قد لا تكون متوافرة.. فإذا الإرهاب من جانب وهذه الدول الغربية من جانب آخر يقومون بنفس العمل، هم يهاجمون الإرهابيين ولكنهم إرهابيون في سياساتهم سواء بالحصار أو بدعم الإرهاب.. هذا هو أيضا الجانب الآخر المؤلم في قضية اللاجئين.. هم يطلقون النار على اللاجئ السوري بيد ويقدمون له الغذاء باليد الأخرى.. هذا ما يفعله الأوروبي أو الغربي.
وقال الرئيس الأسد ردا على سؤال حول من يجب أن يقوم بالتعامل مع ملف اللاجئين وما المنتظر من المؤسسات الدولية: قبل أن نتحدث عن جانب الخدمات التي يجب أن تقدم لهم علينا أن نتعامل مع السبب.. لماذا هاجر هذا المواطن السوري.. معظم أولئك المهاجرين لا يتمنى أن يعيش يوما واحدا خارج بلده.. ولكن هناك ظروف أجبرته على ذلك في مقدمتها الإرهاب ودعم الإرهاب من الخارج.. فإذا كنا نطلب شيئا من المنظمات الدولية أو من الدول.. وأعتقد أن كل لاجئ يطلب نفس الشيء هو أن يتوقفوا عن دعم الإرهاب.. أن يضغطوا على الدول وفي مقدمتها تركيا.. الأردن.. قطر.. السعودية.. لكي تتوقف عن تمرير الإرهابيين إلى سورية وتمرير السلاح والمال إليهم.. عندما يقومون بذلك لن تكون هناك مشكلة.. حل المشكلة في سورية ليس معقدا على الإطلاق.. سيكون الوضع أفضل وسيعود الجزء الأكبر من اللاجئين إلى بلدهم مباشرة لأنه مهما قدمت لهم خدمات في أي بلد من العالم وعبر أي منظمة لن يكون الحال كوجود هذا الشخص في بلده وبين أهله وبيئته لا من الناحية المعنوية ولا من الناحية المادية.
وبشأن تقييمه وضع الحرب في سورية وإلى متى سيستمر قال الرئيس الأسد : بكل بساطة تستمر الحرب طالما أن هناك من يدعم الإرهابيين لأننا لا نحارب مجموعات إرهابية داخل سورية وإنما نحارب مجموعات إرهابية تأتي من كل دول العالم بدعم أغنى وأقوى دول العالم ونحن دولة صغيرة، ولكن عندما تدافع عن بلدك لا تكون لديك خيارات ولا يمكن أن تسأل أسئلة إلى متى وكيف.. إلا إذا كنت قررت أن تتخلى عن الوطن.. وعندها كمواطن لن يكون لديك وطن.. هذا الشيء غير مطروح في سورية.. لذلك أعتقد أن الجو الجديد الذي بدأ يظهر على الساحة الدولية.. ولو أنني مرة أخرى استثني الغرب من هذا الموضوع.. بدأ يضغط باتجاه إيجاد حل حقيقي للأزمة السورية.. صحيح أنه يطرح تحت عنوان حل سياسي ولكن لا يمكن أن يكون هناك حل سياسي وهناك دول تدعم الإرهاب.. هي سلة واحدة.. فنأمل أن هذا الاتجاه بدأ يشكل ضغطا على عدد من الحكومات التي تدعم الإرهاب.. وهذا بدأ يفرض نفسه على تلك الدول لكي تخفف من هذا الدعم.. النقطة الثانية التي تدعو للتفاؤل هي مبادرة الرئيس بوتين بالنسبة للتحالف الذي دخلت فيه روسيا وإيران والعراق وسورية.. كل هذه الخطوات كانت هي النتيجة الطبيعية لهذا السؤال.. إلى متى تستمر الحرب.. تستمر الحرب إلى الوقت الذي إما أن ينتصر فيه الإرهاب على الشعوب أو أن ينتصر الشعب على الإرهابيين.. فإذا لدينا أمل كبير بهذا التحالف الآن وبهذه التغييرات الدولية.
وحول اقتراحاته للتوصل إلى حل للأزمة قال الرئيس الأسد: طبعاً نحن نؤيد أي تحرك سياسي بالتوازي مع مكافحة الإرهاب.. ولكن هذا بحاجة لعوامل مختلفة لكي ينجح.. عندما نتحدث عن الحوار بين السوريين فهذا الحوار له جانبان.. هناك حوار له علاقة بمستقبل سورية وهذا يشمل كل السوريين.. كل شخص سوري له الحق أن يضع رأيه في هذا الحوار من أجل أن نعرف كيف يجب أن تكون سورية.. طبعاً هناك مؤسسات.. لاحقا هناك رأي شعبي.. هناك استفتاء على دستور قد ينتج عن مثل هذا الحوار.. عندها ما يقرره الشعب نسير به نحن كدولة أو أنا كمسؤول.. ولكن هناك حوار مرتبط تحديداً بالأزمة.. بمعنى كيف ننتهي من الإرهاب.. كيف نستعيد الأمن.. لأننا إذا تحدثنا عن إصلاح سياسي فهو لا يعني الإرهابيين.. الإرهابي لا يقاتل من أجل إصلاح سياسي.. هو يقاتل لأنه يتقاضى الأموال أو لأن لديه عقيدة منحرفة.. أو لأنه يريد أن يكون له دور في دولة تتبع لدول أخرى.. فإذاً هذا الحوار بحاجة لجواب على سؤال.. إذا اتفقنا على شيء كمجموعة متحاورة.. ما هو تأثيرنا على الواقع.. فإذا تحاورنا وتوصلنا لأفضل الأفكار ولم نكن قادرين على تطبيقها لأن تلك المعارضة التي نحاورها ليس لها تأثير على الإرهابيين.. فماذا نستفيد.. هذا جانب.. جانب آخر.. هل نحاور مجموعات معارضة ولكنها مرتبطة بالخارج… من الناحية الوطنية هذا غير مقبول.
وأضاف الرئيس الأسد: لديكم في إيران معارضة سياسية.. أنت لا يمكن أن تسميها معارضة إذا كنت تعرف كمواطن إيراني أنها تقبض الأموال من دولة خارجية.. أو أنها تقوم بتنفيذ سياسات ليست وطنية تنبع من مصلحة الشعب الإيراني وإنما تنبع من مصالح دولة أجنبية.. هذه العوامل لم تتوافر حتى الآن.. نحن حاورنا عدة مجموعات والبعض منها كان وطنيا.. لا نقول بأنه غير وطني.. ولكن قالوا لنا بأنه لا تأثير لهم على الإرهابيين.. فإذاً الحوار معهم قد يكون مفيداً حول مستقبل سورية.. ولكن ليس حول حل مشكلة الإرهاب.. فإذاً الخيار الوحيد الآن بالنسبة لنا أن نضرب الإرهاب لأن تنفيذ أي حل أو أي أفكار سياسية يتفق عليها لا بد له من حالة استقرار وإلا ليست له قيمة.. وبالتالي فإن ضرب الإرهاب هو القاعدة الأساسية لأي عمل في سورية.. والأفكار السياسية تطبق لاحقاً.
وردا على سؤال حول انتقاله الى السياسة بعد دراسته طب العيون.. قال الرئيس الأسد: طبعا.. هذا سؤال لا يمكن أن يطرح عندما ينتقل شخص إلى عالم السياسة.. لو انتقل من الطب إلى الهندسة ممكن.. ولكن السياسة ليست قطاعا.. هي ليست اقتصاداً أو علما.. هي محصلة كل مناحي الحياة.. الاقتصاد والعسكر والأمن وثقافة الناس وكل المشاكل اليومية.. هي بالمحصلة التي تخلق شيئاً اسمه السياسة.. فالسياسة ليست مهنة وليست اختصاصاً أكاديمياً كما تبدو.. وإنما هي علاقتك بالحياة التي تعيشها.. وفي هذه المنطقة المعقدة بتفاصيلها التي تؤثر تغيراتها السياسية على تفاصيل حياتنا بشكل يومي لا يمكن للإنسان إلا أن يكون مهتما بالسياسة.. هي جزء من حياتنا في هذه المنطقة نتيجة الظروف التي نعيشها وتؤثر علينا بشكل مستمر.. فإذاً لم انتقل من اختصاص إلى اختصاص أو من قطاع إلى قطاع وإنما من مكان للعمل إلى مكان آخر في الحقل العام نفسه.
وردا على سؤال حول العملية الإصلاحية التي بدأت عام 2000 ولماذا لم تستمر قال الرئيس الأسد: لا.. سورية استمرت بعملية تطوير مستمرة ولكن كانت هناك أولويات.. بالنسبة لنا كان التحدي الأساسي هو الوضع الاقتصادي.. الوضع الاقتصادي في سورية كانت دائماً فيه مشاكل مختلفة وحتى قبل الأزمة.. وحتى في ظل الظروف الجيدة إلى حد ما.. فكانت هذه أولوية.. وعندما تلتقي بالمواطنين في تلك الظروف.. أنا أتحدث قبل الأزمة.. دائماً كانت الشكوى هي شكوى من الوضع المعيشي والوضع الاقتصادي.. موضوع الإصلاح السياسي كان إلى حد ما مرتبطاً بنخب سياسية معينة بأوساط معينة ولم يكن حالة شاملة.. الحالة الشاملة هي الوضع المعيشي كما قلت.
وتابع الرئيس الأسد: فبالنسبة لنا كان التحدي الأكبر هو كيف يمكن أن نطور الاقتصاد بالإضافة إلى مواجهة الضغوط الخارجية التي تمارس على سورية لأسباب سياسية مختلفة.. لكن طبعاً هذه أولويتنا كدولة.. ولكن لو جلست مع كثير من المواطنين فسوف ترى وجهات نظر مختلفة حول الأولويات.. كل إنسان بحسب وجهة نظره.. بحسب ثقافته ومعاناته.. هناك أشخاص ربما لا تكون لديهم مشكلة اقتصادية فتغيرت الأولويات بالنسبة لهم.. نحن بالنسبة لنا كدولة.. كنا نأخذ الحالة الأوسع بالنسبة للمواطنين.. ولكن كانت الدولة تسير إلى الأمام.. ربما بخطوات ليست سريعة وإنما ثابتة ومدروسة.
وفيما يتعلق بمفاوضات وحوارات بين أمريكا وروسيا والقول بأنهم يتدخلون في رسم مستقبل سورية وهل يشكل ذلك خطا أحمر بالنسبة لكم.. قال الرئيس الأسد: نحن لدينا علاقات قديمة مع الاتحاد السوفييتي سابقاً وروسيا لاحقا عمرها أكثر من ستة عقود اليوم.. لم يحاولوا أن يفرضوا علينا أي شيء عبر تاريخ هذه العلاقة وخاصة في هذه الأزمة.. الحوار بين روسيا وأمريكا ليس من أجل التدخل في سورية.. الحوار هو بين طرفين.. طرف يعتمد مبدأ التدخل في الدول وهو أمريكا والغرب.. وطرف آخر يسعى لمنع مثل هذا التدخل والهيمنة وخرق قرارات مجلس الأمن وميثاق الأمم المتحدة وهو روسيا ومعها دول “بريكس” وعدد كبير من الدول الأخرى.. فغير صحيح أن هذا الحوار هو من أجل التدخل.. هم لا يتحاورون حول ماهية النظام السياسي في سورية ولا حول من هو الرئيس المقبل.. كيف سنحل مشكلة الإرهاب في سورية.. هم يتحاورون حول مبدأ استقلالية قرار الشعب السوري.. لذلك أعتقد بأن هذا الحوار هو في مصلحة سورية وفي مصلحة الشعوب في العالم.. عندما يكون هناك قطب وحلفاء يدافعون عن استقلالية الشعوب فهذا في مصلحتنا جميعاً وفي مصلحة السيادة والاستقلالية التي نتباهى بها منذ عقود وحتى اليوم.
وحول الاطلاع على مضمون المفاوضات بين الأمريكيين والروس قال الرئيس الأسد: نعم هناك تواصل مستمر بيننا وبين الروس.. هم يتحدثون معنا بكل التفاصيل المتعلقة بالوضع السوري ومن ضمنها أي شيء يطرح من قبل أي دولة أخرى مع الروس أو أي حوار يجري بينهم وبين تلك الدول سواء كانت دولا حليفة أو خصمة أو معادية.. هناك شفافية كاملة بالنسبة لهذه العلاقة.
وردا على سؤال حول مؤتمر موسكو3 وهل بالإمكان التوصل إلى اتفاق جاد مع المعارضة التي كانت خلال اجتماعات جنيف مشتتة وغير منسجمة.. قال الرئيس الأسد: لا.. إذا كان العمل بنفس الآليات.. وهو أن تأتي مجموعات معارضة مشكلة في الغرب وفي الدول الإقليمية المعادية لسورية والتي ساهمت في سفك الدماء كالسعودية أو قطر أو تركيا.. لا يمكن لهذه المعارضة إلا أن تنفذ أجندة تلك الدول.. بسؤال بسيط هل تسعى هذه الدول لحل الوضع في سورية أو لخلق استقرار… هذه الدول معادية للشعب السوري.. هي التي خلقت المشكلة.. وبالتالي بالنسبة لها جنيف1 وجنيف2 كان مجرد محطة أرادوا منها أن يأخذوا بالسياسة ما لم يتمكنوا من أخذه على الأرض بالأعمال الإرهابية.. هذا هو الهدف.. فإذا استمرت جنيف 3 و4 و10 بنفس الآلية.. أن نقوم نحن كدولة بمحاورة أشخاص هم عملاء لدول أخرى لن نصل إلى نتيجة بكل تأكيد.. هذا بديهي.
وتابع الرئيس الأسد: نصل إلى نتيجة فقط عندما نتحاور كسوريين مع بعضنا البعض.. هنا تأتي أهمية مؤتمر موسكو لأن آليته مختلفة.. فيه مجموعات مختلفة من داخل سورية ومن خارجها.. هناك أشخاص عملاء لدول أجنبية أو عربية أو إقليمية وهناك أشخاص مستقلون وهناك أشخاص وطنيون.. مؤتمر جنيف كان مبنياً على فقرة من بيان جنيف وهي فقرة الهيئة الانتقالية.. وهذه الفقرة نحن نرفضها بالمطلق.. هم أرادوا من مؤتمر جنيف أن نناقش فقط هذه النقطة وتفرض على الحكومة السورية أو على الدولة السورية أو على الشعب السوري هذه الفقرة.. أما مؤتمر موسكو فهو يناقش كل شيء.. يناقش كل بيان جنيف.. وبيان جنيف فيه بنود واضحة فيها استقلالية سورية.. وحدة الأراضي.. الحوار السوري السوري.. كل ما في بيان جنيف يناقض فقرة الهيئة الانتقالية.. فعندما نصل في مؤتمر موسكو إلى إجماع كسوريين يصبح أي مؤتمر آخر أو أي لقاء حواري آخر ملتزما بالإجماع الذي سنصل إليه في موسكو.. لذلك قلنا بأن موسكو3 ضروري جداً من أجل نجاح جنيف 3.
وحول تقييم المبادرة التي طرحها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لحل الأزمة.. قال الرئيس الأسد: عندما زارنا السيد ظريف في دمشق منذ أشهر قليلة كان على خلفية طرح أفكار من أجل مبادرة إيرانية.. وقبل زيارته أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية المبادئ الأساسية لهذه المبادرة.. وهي مبادئ نتفق معها بشكل كامل.. ولكن كما تعلم فأي عمل سياسي تريد أن تقوم به لا بد من أن يرتبط نجاحه وفشله بالتفاصيل الكثيرة التي يمكن أن توضع في مثل هذا العمل.. عندما أتى السيد ظريف تناقشنا معه بهذه التفاصيل.. واستمرت اللقاءات لاحقاً بين المسؤولين في وزارتي الخارجية من أجل وضع صياغة نهائية لشكل هذه المبادرة.. ما تغير خلال تلك الفترة هو الطرح الروسي وظهور مبادرة الرئيس بوتين إلى العلن والتصريحات التي أطلقها وخاصة خطابه في مجموعة دول الأمن الجماعي الذي حدد فيه بشكل أساسي تصوراته للمبادرة وخاصة ما يرتبط بموضوع مكافحة الإرهاب.
وتابع الرئيس الأسد : الآن الحوار مستمر بيننا وبين الأخوة الإيرانيين في وزارة الخارجية من أجل الأخذ بالاعتبار هذا التغير المهم ليكون جزءا.. ليس بالضرورة جزءا من المبادرة الإيرانية ولكن أن تتوافق هذه المبادرة مع هذه التحولات المهمة والإيجابية على الساحة السورية وربما الساحة السورية العراقية.. لذلك أقول بأن هذه المبادرة مهمة جداً وضرورية وخاصة بعد توقيع الاتفاق الإيراني بالنسبة للموضوع النووي ومع بدء المسؤولين الأوروبيين بالتواصل مع إيران.. نعتقد بأن الدور الإيراني أصبح مهماً بالنسبة لنا في سورية من خلال هذه المبادرة.. طبعاً عندما تنتهي وتوضع التفاصيل سوف يتم إعلانها.
وردا على سؤال عن وصول سفينة حربية صينية وحاملة طائرات روسية إلى ميناء اللاذقية وبدء العمليات العسكرية والغارات ضد الإرهابيين.. قال الرئيس الأسد: بالنسبة للصين هي لا تساهم في مكافحة الإرهاب بالجانب العسكري.. هي أعلنت موقفاً واضحاً.. هي تدعم الدور الروسي.. تدعم الجهود الروسية في هذا الإطار وتدعم مبادرة الرئيس بوتين بالنسبة لمكافحة الإرهاب.. ومن ضمن هذه المبادرة الوجود الروسي الأخير في سورية والذي بدأ أعماله مؤخراً.. أما بالنسبة لحاملة الطائرات الروسية.. فروسيا موجودة في المطارات السورية.. لا داعي لوجود حاملة طائرات عندما توجد على الأرض.. وأيضاً عندما بدأت العمليات منذ فترة في سورية أعلنت وزارة الدفاع الروسية بشكل رسمي عن بدء هذه العمليات.. فإذاً كل شيء معلن وكل شيء ظاهر لا يوجد شيء مخفي وصرحت روسيا بأن هذه العمليات هي عمليات جوية.. ليست عمليات برية كما حاول الإعلام مؤخراً تسويقه.. المساعدة العسكرية تأتي في هذا الإطار حصراً.
وحول وجود برنامج معين ومحدد لهم في سورية أوضح الرئيس الأسد .. بالنسبة للجانب الزمني.. لا.. لم يحدد بعد.. هذا بحسب تطورات الموقف ولكن إذا كنت تقصد الخطط وتفاصيل هذه الخطط فنعم هذه الخطط وضعت بالتعاون بين العسكريين السوريين والعسكريين الروس قبل فترة من الزمن عندما تم البدء بالتحضير لمجيء القوات الروسية إلى سورية.
وردا على سؤال بشأن علاقات التعاون الاستراتيجية بين سورية وإيران وحزب الله قال الرئيس الأسد : أعتقد بأنه لولا هذه العلاقة التي وصفتها بالاستراتيجية والتي تعود لعقود إلى الوراء لما كان وضع المنطقة كما هو اليوم من ناحية الاستقلالية.. لما كان هناك على الأقل دولة مستقلة أو حكومة مستقلة وبالتالي شعب مستقل.. هذا المحور يتميز بدفاعه عن الحقوق وبتمسكه بالاستقلالية.. فبكل تأكيد هو قادر لأنه تمكن في الماضي وإن شاء الله يتمكن من الانتصار على الإرهاب الذي هو أداة جديدة لإخضاع المنطقة.. سيكون قادراً بكل تأكيد.. أعود وأكرر أنه لا توجد خيارات أخرى أمام هذه المنطقة إذا أرادت أن تكون مستقلة وأن تزدهر وتتطور.. ما الذي أوصلكم إلى إنجازكم في المجال النووي من الناحية العلمية.. الاستقلالية.. ولولا الاستقلالية لما كانت إيران وصلت إلى هذا الإنجاز.. لما سمح لها أن تصل إلى هذا المستوى.. فإذاً الاستقلالية هي أساس التطور.. هي أساس الازدهار في كل المجالات التنموية.. الاقتصادية والثقافية والفكرية وفي كل المجالات من دون استثناء.. إذاً يجب علينا أن نحافظ على هذه العلاقة وأن نمتنها ونطورها.
وردا على سؤال عن التأثيرات التي سيتركها الاتفاق النووي الإيراني على المعادلات السياسية في المنطقة.. قال الرئيس الأسد: تأثير كبير جدا.. ليس كما ينظر البعض إليه بأنه مرتبط بإيران من الناحية الفنية أو العلمية أو السياسية.. له تأثير واسع وكبير جداً على مختلف الدول النامية.. فهي دولة نامية تخرق الحصار المعرفي الموجود على الدول النامية من أجل أن يحتكر الغرب بشكل أساسي المعرفة في مجالات معينة وخاصة أن النفط في حالة نضوب والمستقبل هو للطاقة النووية.. وكل ما قيل عن هذا الموضوع.. بالنسبة لموضوع القنبلة النووية.. كان مجرد وهم وتسويق مزيف من قبل الغرب لأن القنابل النووية الحقيقية التي يخشونها هي العقول الموجودة في إيران اليوم.. هذا هو التحدي.. فإذاً إيران دولة نامية قدمت نموذجاً.. خرجت من حرب مدمرة لمدة ثماني سنوات ولكن الشعب توحد وقدم نموذجاً وطنيا.. قدم نموذجاً بالاستقلالية فحقق هذه النتائج.. هذا النموذج هو الذي يخيف الغرب.. هذا النموذج يعنينا كدولة نامية.. كدولة لها علاقة قوية معنا.
وأضاف الرئيس الأسد : من جانب آخر نحن وأنتم حلفاء استراتيجيون.. إذا كانت إيران أقوى فستكون سورية أقوى والعكس صحيح.. هناك جانب آخر.. لو تنازلت إيران عن حقوقها في الملف النووي لكان هذا التنازل بغض النظر عن الحقوق الدولية المشروعة لكل الدول بالحصول على الطاقة النووية.. سيستخدم من قبل الغرب لكي يكون هو المعيار الجديد الذي سيطبق على الدول.. ففي المستقبل ربما تحتاج سورية أو أي دولة مشابهة للطاقة النووية.. ما أخذته إيران اليوم بصمودها وبذكاء المفاوضين فيها هو الذي سينطبق على كل هذه الدول في المستقبل.. فما ربحتموه ربحناه كدولة نامية.. فلذلك هذا جانب مهم جداً.. الجانب الأخير هو ما يتعلق بالأزمة.. اعتراف العالم بوزن إيران الحقيقي وبدورها الإقليمي سيعطي إيران فرصة لكي تقوم باستخدام نفوذها المتصاعد في إقناع الغربيين بخطأ سياساتهم.. طبعاً أنا لا أبني ولا أعتقد أنكم تبنون الكثير من الآمال على تغير النظرة الاستعمارية للغرب وسيره بالاتجاه الصحيح ولكن أي جهد تبذله إيران لا بد أن يكون له تأثير ولو بسيطا.. تأثير تراكمي مع الوقت من أجل التخفيف من الضرر الاستعماري الغربي على دولنا.. ولكن خاصة الآن في موضوع الملف السوري من خلال علاقتكم المتجددة الآن مع الدول الأوروبية.
وعن المجالات التي تتمركز حول المصالح المشتركة مع ايران.. قال الرئيس الأسد: كما قلت قبل قليل في مجال استقلال القرار الوطني.. هو الذي يغطي كل المجالات الأخرى.. عندما نكون مستقلين نتعاون في المجالات السياسية أولا.. في الاقتصاد.. في المجال العسكري.. طبعاً تمكنا من تحقيق الأفضل بالتعاون في المجال السياسي خلال العقود الثلاثة والنصف الماضية.. منذ نجاح الثورة في إيران ولكن أعتقد بأننا ما زلنا مقصرين في المجال الاقتصادي.. بالرغم من هذه الظروف التي تعيشها سورية فأنا أعتقد بأن هذا المجال مهم وهذا ما تحدثت فيه مع المسؤولين الإيرانيين وربما تكون الأزمة بحد ذاتها هي الفرصة وخاصة في ظل الحصار الغربي على سورية.. أن يكون هناك تطوير للعلاقات الاقتصادية بيننا وبين إيران.. من جانب آخر هناك العلاقات العسكرية التي هي علاقات قديمة تعود لنفس الفترة وهي علاقات متطورة وهناك تعاون بالتفاصيل بيننا وبين إيران حول القضايا العسكرية.. فإذاً هو تعاون شامل في كل المجالات ولكن الأولوية كما قلت هي للحفاظ على استقلالية القرار في المنطقة ومنع سقوط المزيد من الدول تحت الهيمنة الغربية.
وردا على سؤال حول دور سماحة الإمام القائد في الاستقرار في سورية وتمكين شعبها من مكافحة الإرهاب أوضح الرئيس الأسد: أولاً.. العلاقة بيني وبين سماحة الإمام هي علاقة أخوية بالرغم من فارق العمر ربما.. ولكن هي علاقة أخوية حقيقية وهو شخص يمتلك صفات خاصة بالنسبة لنا من ناحية المبدئية والوضوح.. هذه النقاط تبحث عنها في أي سياسي وأعتقد بأن هذه الصفات التي تطابقت مع السياسة الإيرانية والتي تطابقت مع مبدئية الشعب الإيراني قدمت نموذجاً جديداً بالنسبة لإمكانية حفاظ الدول على مبادئها وعلى مصالحها انطلاقاً من المبادئ وليس انطلاقاً من التكتيكات السياسية قصيرة الأمد أو انطلاقاً من التكتيكات السياسية الانتهازية.. هذا ما قدمه سماحة الإمام بشكل خاص في هذه الأزمة السورية.. ولكن أنا أتحدث عن السياسة الإيرانية قبل ذلك.. طبعاً هي بالنهاية استمرارية لسماحة الإمام الخميني الذي أيضاً جسد المبدئية.. هذا هو شكل السياسة الإيرانية منذ قيام الثورة حتى اليوم مع فرق وحيد هو أنها تتطور بشكل مستمر مع تطور الأمور ومع تقدم الزمن فلا نراها نفسها في كل المراحل.. لها نفس المبادئ ولكن بشكل متطور أكثر.. والحقيقة أن وقوف إيران إلى جانب سورية هو موقف شعبي اليوم ولكن لسماحة الإمام دور أساسي من خلال التوجيهات التي نعرف تماماً عن تفاصيلها بالنسبة للمؤسسات الإيرانية حول كيفية وآلية الوقوف مع المؤسسات السورية من أجل دعم صمود سورية في الحرب الشرسة في مواجهة الإرهاب والدول التي تدعمه.
وبما يخص الدعم الإيراني للشعب السوري خلال الأزمة قال الرئيس الأسد : نلخصه بكلمتين.. أولاً ما قلته عن المبدئية.. الشعب الإيراني هو شعب مبدئي والكلمة الثانية هي الوفاء.. الشعب الإيراني كان وفياً لسورية التي وقفت إلى جانب إيران عندما تعرضت لحرب لثماني سنوات كانت تهدف لتحقيق نفس الأهداف التي يريدون تحقيقها في سورية اليوم ولكن بشكل آخر.. بأدوات أخرى وبظروف دولية مختلفة.. لم ينس الشعب الإيراني والقيادة الإيرانية مواقف سورية في ذلك الوقت.. عندما حاول معظم العالم أن يحاصر إيران كانت سورية.. لا أريد أن أقول الدولة الوحيدة ولكن واحدة من دول قليلة وقفت مع إيران ولكنها كانت الأكثر وضوحاً في موقفها.. اليوم عندما نلتقي بأي شخص إيراني يعود ليتحدث عن دور سورية في ذلك الوقت.. اليوم إيران تقابل الوفاء بالوفاء وتقابل الصدق بالصدق والشفافية بالشفافية.. من جانب آخر هناك رؤية ومنهجية لدى الشعب الإيراني.. الرؤية والمنهجية هي التي أوصلتكم إلى الاتفاق النووي.. عندما ترى الأمور بشكل واضح لا يستطيع الأعداء والخصوم أن يخدعوك.. فهذه الرؤية للوضع في المنطقة بشكل عام.. من ضمنها سورية.. من ضمنها مستقبل إيران.. وكذلك مستقبل المنطقة.. نقطة مهمة بالنسبة للاستقرار الذي ننشده في العقود القادمة.
وتابع الرئيس الأسد : هذه المواصفات مهمة جداً وتحدثت أنا طبعاً قبل قليل عن موضوع الوطنية.. النموذج الوطني الذي قدمه الشعب الإيراني وأمر على مثال بسيط.. عندما بدؤوا بمحاولة إشعال الاضطرابات في إيران كانت هي الدولة الأولى التي أرادوا تطبيق النموذج الإقليمي فيها في انتخابات عام 2009 وأنا التقيت بعدد من المسؤولين الأوروبيين الذين قالوا لي.. الدولة في إيران ستسقط قريبا.. طبعاً هم يقولون “نظام” ولا يقولون “دولة” لأنهم لا يعترفون بدولنا ولا يعترفون بشعوبنا.. فقلت لهم.. لا.. ستفشل.. وتمكنت فعلاً إيران.. المجتمع الإيراني.. الشعب والدولة من تطويق تلك الحالة المحدودة وفشلت كل المحاولات.. ولكن مع كل أسف نجحت في دول أخرى في المنطقة.. هذه نماذج من الوطنية.. توحد الإيرانيين حول موضوع الملف النووي مع اختلاف التيارات السياسية في إيران.. ولكن هناك قضايا وطنية تتوحدون حولها.. أعتقد أن كل هذه الصفات تمثل الشعب الإيراني.
وردا على سؤال حول تهرب حكومة آل سعود من تبيان الحقيقة في فاجعة مشعر منى.. قال الرئيس الأسد : أولا أعزي الشعب الإيراني بهذه الكارثة الإنسانية.. وهذه الفوضى التي نراها في إدارة مراسم الحج ليست المرة الأولى.. بعيداً عن الجانب السياسي.. ولكن هناك فرق بين أن تكون الأماكن المقدسة واقعة ضمن سيادة دولة وبين أن يتعاملوا معها وكأنها ملك شخصي لهم.. فبمقدار ما أن هذه الحادثة هي حادثة أليمة بالنسبة لكثير من الدول في العالم التي فقدت أبناءها.. بنفس الوقت هم منعوا حجاجاً سوريين من الذهاب إلى الحج على مدى السنوات الأربع الماضية لأسباب سياسية فقط.. وهذا الشيء خطير.. لذلك بدأ يطرح الآن على مستوى العالم الإسلامي ما يسمى بكيفية إدارة الحج.. من يدير الحج… كيف يدار الحج… الحج ليس حدثاً سعودياً بل هو حدث إسلامي عالمي.. أعتقد أنه لا بد من مناقشة هذا الموضوع بشكل جدي على مستوى الدول الإسلامية.
وردا على سؤال بأن المعارضة تطالب بتنحيكم من السلطة وماذا ستفعلون اذا كنتم تعتقدون أن هذا التنحي يمكن أن يعيد الأمن والاستقرار إلى سورية قال الرئيس الأسد : من يقرر هذا الكلام هو الشعب.. لذلك أنا أقول لهؤلاء إذا كنتم تعتقدون بأنكم على حق فلماذا لا تقنعون الشعب السوري.. والشعب السوري هو سيقوم من خلال المؤسسات أو الانتخابات بتحديد من هو الرئيس.. كان هناك انتخابات العام الماضي.. أين كنتم.. ماذا فعلتم.. ما هو تأثيركم على الشارع.. لا شيء.. تأثيرهم لا شيء.. كل شخص يضع قراره عند دولة أخرى يحتقره الشعب السوري ويصبح تأثيره صفراً.. يصبح مجرد بوق إعلامي فقط.. فكل من يعتقد بحقيقة هذا الطرح فليأت إلى الانتخابات وليثبت وجهة نظره.. لا يوجد لدينا مانع.. أما أنا شخصياً فأعود وأقول لو كان ذهابي هو الحل فبكل تأكيد لن أتردد في ذلك.
وردا على سؤال حول ما هي رسالتكم الى المعارضين الذين سيسمعون هذا الحوار أوضح الرئيس الأسد : المعارض الحقيقي هو من ينتمي إلى الشعب.. إذا كان هناك أي شخص مقتنع فعلاً بأنه معارض نقول له عليك فقط أن تنقل هموم المواطن السوري.. وإذا نقلت هموم وتطلعات ورغبات هذا المواطن وعملت من أجل مصالحه فهو سيعتبرك ممثلاً له وسيكون لك دور في بلدك سواء شاء البعض أم لم يشأ لأنه لا أحد يستطيع أن يقف في وجه الشعب.. ولكن لا تسم نفسك معارضاً وأنت تتبع لدولة أخرى.. كلمة معارض تعني وطنيا.. لا يوجد معارض غير وطني.. كل شخص غير وطني هو ليس معارضاً.. هو عميل.
وردا على سؤال.. ما هي رسالتكم إلى قادة الدول الذين يعارضونكم قال الرئيس الأسد : أن يتمكنوا من قول الحقيقة لشعوبهم في يوم من الأيام.. هم يقولونها دائماً بعد أن يتركوا العمل السياسي.. هم يعملون من أجل مصالحهم الانتخابية.. أنا أقول لهم بشكل مختصر.. اعملوا من أجل مصالحكم الوطنية وليس الانتخابية.. فدعم الإرهاب هو ليس فقط ضد شعوبنا بل أيضاً ضد شعوبكم.. وهذا الإرهاب بدأ يرتد عليكم.. ولكن ما رأيتموه حتى الآن هو فقط شيء بسيط أو ما يقال “قمة جبل الجليد الباقي تحت البحر”.
وختم الرئيس الأسد بالقول: أنا أشكركم لمجيئكم إلى سورية.. ومرة أخرى أنقل عبركم للشعب الإيراني الشقيق كل التحيات وكل المحبة.. وهذا التاريخ الذي يكتب في سورية إن شاء الله بعد الانتصار سيكون الجزء الأساسي منه لوقوف إيران معنا بكل المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية.. شكراً لكم مرة أخرى.