- الرئيسية
-
السيد رئيس الجمهورية
-
وزير الخارجية والمغتربين
- وزارة الخارجية والمغتربين
-
سورية
- بيانات رسمية
النص الكامل لكلمة الدكتور فيصل المقداد وزير الخارجية والمغتربين أمام الدورة الــ 46 لمجلس حقوق الإنسان اليوم الاثنين 22-2-2021
السيدة الرئيس،
السيدات والسادة،
أسهمت حزمة البناء المؤسسي التي توافقت عليها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة عند إنشاء مجلس حقوق الإنسان في إرساء توازن دقيق لتمكين المجلس من مناقشة أوضاع حقوق الإنسان في كافة الدول، من خلال حوار إيجابي يحترم الخصوصية والتنوع الثقافي والحضاري لعالمنا المعاصر، وبالاستناد إلى التعاون التقني لمساعدة الدول على بناء قدراتها وفقاً لأولوياتها الوطنية.
وبعد خمسة عشر عاماً من إنشاء هذا المجلس، يؤسفنا أن تستمر دول الغرب في استخدام منصة المجلس وآلياته لفرض مقاربة تقوم على المعايير المزدوجة والانتقائية في التعامل مع حقوق الإنسان، واتهام الدول غير المنسجمة مع توجهاتها السياسية ووصمها بانتهاك حقوق الإنسان، واتخاذ ذلك ذريعة للتدخل في شؤونها الداخلية.
وتمثل المبادرات التي تم توجيهها ضد سورية من قبل بعض الدول داخل هذا المجلس خلال السنوات العشر الماضية، النموذج الأوضح عن كيفية استثمار القرارات الخاصة بفرادى الدول لإنشاء آليات مسيّسة وتنظيم جلسات طغت عليها مختلف أشكال التضليل والتحريض والمعايير المزدوجة، ولم تساهم سوى في نشر الإرهاب.
وللأسف فإن بعض من تبنى مشاريع القرارات المتعلقة بسورية وغيرها هم من أكثر الحكومات التي تنتهك حقوق الإنسان.
السيدة الرئيس،
لا يزال الإرهـاب يتصدر التحديات العالمية التي تواجهها الأمم المتحدة ودولها الأعضاء مع اتخاذه أنماطاً متعددةً وجديدةً، وتتزايد مخاطره مع احتراف بعض الدول صناعته واستخدامه وتوجيهه لتدمير دول وحضارات ومجتمعات بأكملها، باستثمار النتائج للتغطية على جرائمها تحت عنوان حقوق الإنسان، من خلال صناعة أخرى وثيقة الصلة بها ولا تقل خطورة عنها، هي صناعة الأخبار الكاذبة.
فالأزمة التي شهدتها الجمهورية العربية السورية والتي انطوّت على معاناةٍ أمنية واقتصادية وتعليمية وإنسانية وغذائية، ما تزال بعض فصولها مستمرة في ظل سعي حثيث من قبل بعض الدول لاستغلال معاناة السوريين من خلال ترويجها لمعلومات مضللة، وإصدار تقارير وقرارات وعقد جلسات هدفها ممارسة الضغط السياسي على الحكومة السورية، ورفض الاعتراف بأنَّ الإرهاب الذي صنعته ووظفته هذه الدول هو السبب الجذري لهذه المعاناة.
إنَّ سورية عازمة على الاستمرار بمكافحة الإرهاب وممارسة حقها القانوني لإنهاء أي وجود غير شرعي على أراضيها.
ففي ظل الاحتلال التركي والأمريكي والإسرائيلي تواصل المجموعات الإرهابية و" ميليشيات قسد" الانفصالية ارتكاب انتهاكات جسيمة وممنهجة لحقوق الإنسان، خدمةً لمصالح مشغليها وداعميها.
ويشكل قطع المياه، كعقاب جماعي، عن مليون مواطن في محافظة الحسكة أحد الأمثلة عن الانتهاكات الجسيمة والممنهجة التي ترتكبها قوات الاحتلال التركي ومجموعاته الإرهابية على الأراضي السورية.
السيدة الرئيس،
بعد تحرير معظم الأراضي السورية من الإرهاب، تعمل مؤسسات الدولة لإعادة إعمار ما دمره الإرهاب وتهيئة بيئة ملائمة لعودة كافة السوريين بكرامة وبصورة طوعية إلى مدنهم وقراهم وبلداتهم.
وقد أتى مؤتمر اللاجئين الذي انعقد أواخر العام الماضي ضمن جهود الدولة السورية في خلق الأرضية المناسبة لعودة اللاجئين السوريين والتعاون مع الدول والمؤسسات الراغبة في دعم جهودنا في هذا المجال.
وخلافاً للدعوات التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة والمفوض السامي لحقوق الإنسان لرفع الإجراءات القسرية الأحادية لتمكين الدول المستهدفة من مواجهة المخاطر الصحية لجائحة (كوفيد-19) والتغلب على آثارها الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية السلبية، لجأت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى فرض المزيد من الإجراءات القسرية الأحادية على الشعب السوري.
ويكذب من يدعي أن هذه الإجراءات لا تطال المواطنين العاديين، لأن الإجراءات القسرية لا تطال أصلاً إلا هؤلاء المواطنين في احتياجاتهم الأساسية.
إنَّ الإجراءات القسرية الأحادية هي أحد اوضح الأمثلة عن الانتهاكات الجسيمة والممنهجة لحقوق الإنسان التي تطال شعوب البلدان المستهدفة بهذه التدابير غير القانونية. ويعد إلغاء هذه التدابير ضمانة أساسيّة لإزالة تحديات جسيمة أمام الإعمال التام لحقوق الإنسان.
ولذلك تدعو الجمهورية العربية السورية مجلس حقوق الإنسان إلى وضع الانتهاكات الجسيمة والممنهجة وواسعة النطاق الناجمة عنها على رأس أولوياته.
السيدة الرئيس،
مع اختتام اجتماعات الجولة الخامسة للجنة الدستورية التي انعقدت بتسهيل من الأمم المتحدة في مدينة جنيف مؤخراً، أود التأكيد من جديد بأن اللجنة هي سيدة نفسها وصاحبة القرار الحصري بتقرير مسار عملها والنتائج التي يمكن أن تخلص إليها، وبأن نجاحها في المهمة الموكلة إليها يتطلب الالتزام بسير هذه العملية بقيادة وملكية سورية وبعدم التدخل الخارجي في شؤونها من قبل أي طرف كان واحترام الحق الحصري للشعب السوري في تقرير مستقبل بلده.
السيدة الرئيس،لا يزال الاحتلال الإسرائيلي ماضياً في انتهاكاته الممنهجة لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وفي الجولان السوري المحتل، من خلال ممارسات تمييزيّة وقمعية تنتهك مبادئ ثابتة ومستقرة في القانون الدولي أكدتها ترسانة من قرارات الأمم المتّحدة لا تزال محلاً لتجاهل القوة القائمة بالاحتلال وداعميها.
من هنا، فإننا نجدد دعمنا الكامل للبند السابع من جدول أعمال المجلس الذي يرتبط ارتباطاً عضوياً باستمرار الاحتلال الإسرائيلي وتصاعد وتيرة انتهاكاته.
ونؤكد أنَّ الحق الثابت للجمهوريّة العربيّة السوريّة في الجولان السوري المحتل هو حق تكفله مرجعيات دوليّة وأسس راسخة ومتفق عليها في القانون الدولي، وأنَّ التصرفات الأحادية التي تحاول استغلال الظروف الاستثنائية التي نمر بها للذهاب عكس هذه الحقيقة هي إجراءاتٌ لاغية وباطلة وأوهامٌ لا قيمة قانونية لها.
إن الطريقة اللاإنسانية التي تتعامل بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي مع المواطنة الجولانية نهال_المقت تستحق التنديد والإدانة من قبلكم جميعاً وإنهاء إسرائيل فوراً للإجراءات المتخذة بحق هذه المواطنة.
وتجدد سورية دعمها الثابت لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس على حدود الرابع من حزيران لعام 1967، مع ضمان حق اللاجئين بالعودة تنفيذاً لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ودعمها لتحرير ما تبقى من أراضٍ لبنانية محتلة.
ختاماً، السيدة الرئيس،إنَّ التعاون الدولي القائم على احترام أحكام ميثاق الأمم المتّحدة هو حجر الأساس في حمايّة وتعزيز حقوق الإنسان، وسورية مستعدة لمواصلة العمل المشترك في إطار المجلس بما يُعزز دوره كآليّة دوليّة لتعزيز الاحترام العالمي لحقوق الإنسان وفقاً لمبادئ الحياد والموضوعيّة والشمولية.